«نَحنُ نعثر على الكلمات للتعبير عمّا يَحدث, لكن شيئا لا يتَغير» (الفريدة يلينيك, روائية نمساوية). مَن الرابح الأكبر في السِجال بين القَضايا المفتعلة والمتناقضات التي نعيشها اليوم؟ كيف لعقولنا أن تستوعب ما يدور حولنا؟ فالعالم من حولنا يعيش صراعات اقتصادية وسياسية, وتسارعا في الانتاج التكنولوجي, والتقدم الطبي, وتغييرا سريعا في نمط الحياة السياسية والاجتماعية, وعند محاولة التأمل فيما يحصل ستلاحظ أن بعض الدول أصابها الفصام السياسي والديني, وستجد مسائل تُعمم على أساس أنها حقائق, وتاريخا يُعاد لنا كحالة لتغييب الوعي فينا, وواقعا تعاد صياغته وتشكيلة وفقا لمصالح معينة, وغياب وتمييع الهوية الخاصة بنا, لربما أتى عليك حين من الدهر عزيزي القارئ تتساءل ما جدوى حضوري في وسط هذا العالم المتشظي؟ ولا ألوم من يحاول البحث عن معنى لحياته, والبحث عن مكانه داخل النظام الكوني, من أجل اعادة تشكيل حضوره داخل هذا العالم المجنون, ولكن ما جدوى الوجود لكن ما جدوى الوجود عندما نعيش في عزلة فكرية ونفسية, أليس امتداد وجودنا هو أن نعيش مع الآخر ومن أجل الآخر؟ لماذا في مجتمعاتنا العربية الآخر يسبب وجوده تهديدا لنا؟ لذلك نرفضه ونقصيه, فلا نحترمه ككيان فيتحول إلى عدو لنا صنعناه بجهالة, بحكم أننا لا نعرف الكيفية التي نتعامل بها مع شخص يختلف عنا, ولا بد أن نفهم أن أفكار وأخلاق الغير لا تعني وضع قواعد لتقييدهم داخل دائرة صنعناها لهم عندما نعيش في عزلة فكرية ونفسية, أليس امتداد وجودنا هو أن نعيش مع الآخر ومن أجل الآخر؟ لماذا في مجتمعاتنا العربية الآخر يسبب وجوده تهديدا لنا؟ لذلك نرفضه ونقصيه, فلا نحترمه ككيان فيتحول إلى عدو لنا صنعناه بجهالة, بحكم أننا لا نعرف الكيفية التي نتعامل بها مع شخص يختلف عنا, ولا بد أن نفهم أن أفكار وأخلاق الغير لا تعني وضع قواعد لتقييدهم داخل دائرة صنعناها لهم, وحسب مقاييسنا ولكن تعني ترك الآخر يحيا وفق نمط حياته وأخلاقياته الطبيعية والتي لا تشكل خطرا للأنا لدينا, فالمجتمعات المدنية تأسست على احترام أخلاق الغير وأفكارهم ورؤاهم, فكل اصناف البشر وألوانهم تحت لواء المجتمعات الديمقراطية لا تُساءل عن ممارساتها الشعائريه والدينية, ولا عن آرائها أو عاداتها, ولكنها تساءل عن انتهاكها لقانون التعايش أو أي شيء يمس الوجود المدني للمجتمع الديمقراطي, مثل: العنف والدعوة للكراهية, أو معاداة أبناء الديانات الاخرى, أو العنف والتمييز العنصري ضد المرأة, والأقليات, ففي هذا المجتمع المدني يعيش الانسان باطراد حتى نقطة التوقعات والتي هي حدود حرية الآخر, ويتسم المجتمع المدني بالاعتراف بكل الاختلافات, وإذا كان المجتمع المدني يتبنى الآخر بكل ما فيه من أجل تفاعل وإنتاج حضارة والعيش بسلام, وديننا الاسلامي الذي جاء بتعاليم كثيرة تحث على قبول الآخر واحترامه, واحترام عقيدته واختلافه وحمايته ايضا, فلماذا حولنا تعاليم اسلامنا عن مسارها؟ ومن صنع هذا المجتمع (الإجباري) الذي يرفض الآخر, ويُقصيه, ولا يترك الفرصة لمختلف الشرائح الثقافية والاجتماعية لتظهر وتعبر عن كينونتها, فهذا الانغلاق المتعمد والمجبرين عليه يستند على قاعدة تحريم أي نمط يجعل الانسان يحس بكرامته, ويبقينا على شكل واحد قاهر, فمفهوم الهوية المُغلقة يجب أن يتغير, وأن يتسع أفق انسانيتنا بكل فروقاتنا واختلافاتنا, وقد تطرق الفيلسوف (اسبينوزا) إلى قضية التعايش من أجل الحفاظ على المجتمع المدني وأكد على قانون المجتمع المدني, لأن انتهاكه يحدث ضررا بحقوق الآخر, وانتهاكا لحرمة الدولة, وتهديدا لأسس الأمن والاستقرار, والتعايش, وفي كتاب جميل وجديد للمؤلف عبدالعزيز بو مسهولي بعنوان: (مبادئ فلسفة التعايش) تناول المؤلف وبطريقة بحثية مبادئ التعايش المتمثلة بالآتي: مبدأ الاحترام, ومبدأ الاعتراف, ومبدأ التسامح, ومبدأ الانصاف, ومبدأ الفردية, ثم تطرق إلى من أجل فلسفة غيرية حيث تحدث فيها عن الآخر, وفي فصله الاخير تناول التعايش وفن التعايش. ومن وجهة نظري عزيزي القارئ أن هذا الكتاب يجسد ما نحتاج أن نفهمه فعليا لنتعايش بهدوء مع بعضنا وبإنصاف.