يعد وعي المستهلك بالسلوك الاستهلاكي من أهم محددات ارتفاع أو انخفاض الأسعار، فالوعي الإيجابي للمستهلك يؤثر في انخفاض الأسعار ، بينما عدم الوعي والوعي الضعيف يسهمان في ارتفاعها، وأقصد بوعي المستهلك معرفته باحتياجاته وطريقة تلبيتها بالسعر المناسب الذي لا يؤدي الى ارتفاعه، وكذلك معرفته بالبدائل التي تدعم قراره الاستهلاكي برشد ومنفعة اقتصادية. الحقيقة ان العلاقة طردية بين وعي المستهلك وجودة المنتجات بمختلف انواعها، حيث كلما زاد وعي المستهلك بحقوقه ومختلف الجوانب في المنتج زادت جودة المنتجات سواء كانت سلعاً أو خدمات. لقد شهدت أسواق المنتجات الغذائية في المملكة في السنوات الثلاث الأخيرة ارتفاعاً حاداً في الأسعار، حيث كان ضعف وعي المستهلك أحد أسبابه، وعندما ارتفعت أسعار الأرز مثلاً تسابق المستهلكون للتزود به خوفاً من زيادة أكثر في الأسعار ما ساهم في نقص المعروض منه مع ثبات الطلب عليه، وبالتالي قفزت الاسعار إلى مستويات غير مبررة، لعدم وعي المستهلك بتصرفه في زيادة الشراء خوفاً من استمرار الأسعار في الارتفاع، ومن البدهي أن ترتفع الأسعار في حال خوف المستهلك من استمرارها وزيادة الشراء فوق حاجته ما يسهم في نقص العرض، وبالتالي تستمر الأسعار في الارتفاع، وهذه الحالة واضحة في سوق المواد الغذائية ومنها الأرز الذي لاتزال أسعاره في صعود مستمر، ولا نتجاهل أثر حصرية وكالات استيراد الأرز من خارج المملكة في زيادة الأسعار، حيث تستغل عدم وعي المستهلك بالتوجهات والتصرفات الإقتصادية السليمة، ومن الطبيعي - حسب النظرية الاقتصادية - أن البدائل تتيح للمستهلك قوة تفاوضية ما يعني أهمية تسهيل وزراة التجارة والصناعة الترخيص لشركات عديدة للدخول في مجال التجارة، ليكثر عددها لتقديم المنتجات المنافسة في سوق اقتصادية حرة، وبالتالي يصبح لدى المستهلك خيارات عديدة من السلع والخدمات بأسعار تنافسية، ومن المؤكد ان جودة هذه المنتجات وأسعارها التنافسية ستكون لصالح المستهلك، لذلك نرى أهمية فتح المجال للشركات السعودية لاستيراد السلع وعدم حماية المستورد الحصري الذي يستغل المستهلك ولا يساهم في النمو الاقتصادي بالمملكة من الناحية الإنتاجية كونه فقط مستوردا يحقق ارباحاً من غير تقديم أي قيمة مضافة للاقتصاد السعودي، وبمعنى أوضح وأبسط: التاجر المستورد يعظم أرباحه مدعوماً بالوكالة الحصرية التي لا تتفق مع السوق الحرة ومبادئ منظمة التجارة العالمية فيما يخص الخيارات والجودة في المنتجات التي تقدم للمستهلك، ولنا دروس وعبر في ارتفاع أسعار البطاطس في أمريكا عندما قاطعها المستهلكون بوعي وجدية وحسم لتهوي أسعارها تحت الأسعار القديمة ما لقن المزارعين وتجار الجملة والتجزئة درساً لن ينسوه، ولنا ايضاً درس فيما قامت به المحكمة الامريكية العليا في قضية احتكار مايكروسوفت البرمجيات عندما أصدرت قراراً نافذاً لا شفيع فيه، حيث أمرت الشركة بتعويض الشركات المنافسة الأخرى نتيجة اضرار الاحتكار، اضافة الى فصل مايكروسوفت الى عدة شركات لا ترتبط ببعضها ادارياً ومالياً لمدة عشر سنوات، خدمة للمستهلك والشركات الصغيرة والاقتصاد الامريكي. جامعة الملك فهد للبترول والمعادن [email protected]