نشرت في هذه الجريدة - الأسبوع الماضي - مقالًا تحت عنوان: (الحكم لا يطبّق التسلل)، أشرت فيه إلى الخبر الذي ورد في عدد (اليوم) الصادر يوم الجمعة قبل الفائت، والذي كان عنوانه «المتسللون خطر يهدّد هجر الأحساء»، وكان قد شدّني في حينه عنوان آخر مما احتواه نفس العدد وهو «عاطلون بشهادات عليا». وقد أثارت هذه القضية اهتمام الكثير من المواطنين الغيورين وبعض المهتمين، ومن الأسباب التي تدفعني للعودة إلى تناول هذا الموضوع أيضًا الإحساس بأن البطالة بدأ شبحها يلوح بين هؤلاء مع أن ابتعاثهم قد كلف ولا يزال - ميزانية الدولة أموالًا طائلة ينبغي أن نعمل جميعًا على أن يكون لها عائد على الصالح العام لا يقل عن قيمتها. وإذا كانت الصحافة تناولت هذا الموضوع بكل مهنية، الأمر الذي كان سببًا جعل منه محورًا للحديث والنقاش في المجالس والصالونات والمؤسسات التي تجمع المهتمين وأصحاب الفكر وقادة الرأي في المجتمع، وبمنأى عن التساؤلات والتحليلات والعوامل والأسباب التي قد تكون تضمّنتها تلك المداولات، فإن التركيز على إيجاد الحلول والبدائل المناسبة من الأولويات التي تستحق الاهتمام والمشاركة، ومن ذلك الحوار الذي دار بيني وبين الدكتور إبراهيم الصيخان مدير مركز وهج للاستشارات التعليمية والاجتماعية، والذي خرجنا به برؤية يعتقد كلانا أنها قد تكون مناسبةً للإسهام في إيقاف نزيف عقول أبناء الوطن، وتعطيل الطاقات البشرية.. أقدّمها لك أخي القارئ، ولكل مَن له علاقة في دوائر التخطيط واتخاذ القرار.. وتتضمّن استحداث هيئةٍ خاصة لبرامج الابتعاث مستقلة عن سلطة وزارة التعليم العالي، على أن تتولى هذه الجهة التنسيق مع المؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص لتحديد الاحتياجات المستقبلية لهذه الجهات من الكوادر البشرية، بحيث تصنف مقاعد الابتعاث إلى مستويات ثلاثة (بكالوريوس، ماجستير، دكتوراة) ومن ثم يتم توزيع هذه المقاعد إلى أنصبة لكل جهة ترغب في الاستفادة من هؤلاء المبتعثين وفق التخصّص والدرجة العلمية التي تتناسب مع الوظيفة، وحينها تكون الدولة قد قدّمت للقطاع الخاص مواطنين مؤهّلين في مختلف المستويات التعليمية وحسب التخصصات المرغوبة، كما هو الأمر بالنسبة للمؤسسات الحكومية، والمبتعث في هذه الحالة يعرف مسبقًا قبل وأثناء فترة دراسته إلى أين سيذهب بعد تخرجه.. وما طبيعة وظيفته، كما يمكن له - إذا سمحت ظروفه - أن يلتحق بوظيفته خلال إجازاته السنوية أو جزء منها ليكتسب الخبرة في المجال الذي سيلتحق به بعد التخرج، وفي الوقت نفسه ينبغي أن يشترط عليه أن يكون بحث التخرج الذي سيقوم به لصالح الجهة التي يتوقع أن يلتحق بها مستقبلًا، وبهذا تكون الدولة قد تغلّبت على مشكلة البطالة التي قد يعاني منها هؤلاء المبتعثون، وسدت في الوقت ذاته احتياجات المؤسسات الحكومية من الكوادر المؤهلة، وساعدت مؤسسات القطاع الخاص في إعداد كوادر وطنية مؤهّلة وقادرة على العمل يمكنها إحلالها محل الأيدي العاملة الأجنبية، وقبل ذلك كله لا بدّ أن تنطلق هذه الهيئة في مهمّتها معتمدة على قاعدة بيانات تتضح من خلالها احتياجات المؤسسات الحكومية ومؤسسات القطاع الخاص من التخصصات والوظائف، وكذلك لا بدّ أن تشمل قاعدة البيانات هذه حصر أعداد الوظائف التي سيصل أصحابها إلى سن التقاعد عند تخرّج كل دفعة من المبتعثين والدفعات التي تليها طوال مدة تنفيذ البرنامج، وبذلك نكون قد واءمنا بين الابتعاث والتوظيف والإحلال الوظيفي. عندها فقط لن نجد مثل هذا العنوان المثير للاستغراب، بل «وظائف تنتظر المبتعثين».. ربما كان ذلك حلمًا راودني أنا وصديقي ومعنا كثيرون.. فهل يتحقق ذلك الحلم في القادم من الأيام؟؟. تويتر: @fahad_otaish