لي صديق كان دائم الاحتجاج لأن الطبيب كان يغسل يده بعد إخضاعه لأي نوع من الفحص، وكان يبني احتجاجه على منطق غريب: فيني جرب؟ رحت اشتكي من دوخة وقاس لي الضغط وكتب لي شوية فحوصات .. كنت أزيده توترا بأنه ليس من المستبعد ان يكون مصابا بالجرب (رغم أنني أعرف ان الجرب لا ينتقل بالملامسة بالأيدي)،.. واستغرق مني الأمر عدة أشهر لأقنعه بأن الطبيب يغسل يديه عشرات المرات يوميا حرصا على صحة مرضاه وصحته هو، فلو لم يفعل ذلك لنقلت يداه المرض المعدي من شخص لآخر، ولو أصيب هو بالعدوى من مريض لنقلها الى عشرات المرضى عن غير قصد ومن ثم فإنه يحافظ على نظافة يديه بل ويضع كمامة على أنفه وفمه أحيانا. أعود الى موال ضرورة غسل الأيدي بالصابون بانتظام خاصة لأن معظمنا يتناول الطعام بالأيدي من صحن/ طبق مشترك،.. سأقول كلاما قد يستفز البعض: في زمن كثرت فيه الأوبئة وظهرت فيه أمراض لم يعرفها أجدادنا (الإيدز والإيبولا والحميات النزفية) فإنه من المستحسن ان ينفرد كل شخص على المائدة بطبق خاص به، وبعدها يأكل بأصابعه أو كوعه ويحشو جزءا من الطعام في أنفه! هو حر.. نعم ليس من العيب ان يعاف أعضاء الأسرة الواحدة فردا منهم لأنه لا يهتم بنظافة يده وبدنه،.. لماذا أسمح حتى لولدي الصغير ان يشاركني صحن الطعام وأنا أعرف ان يده تبقى محشورة في منخاره ثلاث ساعات يوميا على أقل تقدير.. نحن نجامل كثيرا في أمور صحتنا وسلامتنا.. مثلا يعتبر الأقارب أنه من «العيب» الانقطاع عن زيارة قريب ما لأن في بيته شخصا يعاني من مرض معدٍ .. تقول لزوجتك لا تأخذي العيال الى بيت أختك لأن بنتها مصابة بالحصبة او الجدري المائي او الإنفلونزا الفيروسية فتقول إن أختها ستغضب لو لم نصطحب عيالنا معنا .. تقول لها: إذاً من الأسلم ان نمتنع نحن أيضا عن زيارتها لأننا قد ننقل العدوى الى عيالنا.. فيأخذ الحوار منحى آخر: أنت أصلا لا تحب أهلي فلا تبحث لنفسك عن أعذار لتفادي زيارتهم وعندما أقول إنني من أنصار استخدام كل فرد في العائلة لطبق طعام خاص به فليس معنى هذا إنني «عامل فيها خواجة»، بالعكس نشأت على مشاركة الآخرين الطعام من نفس الصحن والى يومنا هذا لا استطيع ان آكل وجبة وانا جالس الى المائدة بمفردي، ولكن من مصلحة افراد أسرتي وأسرتك الصحية ان ينفرد كل واحد بطبقه على ان يبقى الجميع جالسين حول نفس المائدة (دعك طبعا من الفوائد الاقتصادية للأكل من طبق خاص لأن كل فرد يغرف قدر طاقة بطنه بينما الأكل في طبق مشترك يعني التخلص مما يتبقى من طعام لأنه حتى هيفاء وهبي التي لم تطبخ شيئا طوال عشرين سنة تعرف ان الطعام يفسد بسرعة أكبر إذا لامسته الأيدي) والشاهد يا اعزائي هو أن غسل اليد بانتظام فيه احترام للذات واحترام للآخرين خاصة إذا كنت ممن يخرجون القدم من الحذاء لتدليكه بالأصابع أو تهرش فروة رأسك، لأن القشرة تسبب لك أكلانا مستمرا.. أما إذا كنت لا تقدر على غسل يديك بعد الأكل واستخدام الحمام فكن خواجة وتبادل التحية مع الناس بطريقة هاي وباي، من بعيد لبعيد [email protected]