«الجمَل مايشوف عوج رقبته»، كان هذا تعليق الأخوة السودانيين حين نشرت الصحف السعودية قبل أشهر دراسة أعدتها مجلة «لانسيت» الطبية البريطانية عن (الكسل)، حيثُ حصل المواطنون السعوديون على المرتبة الثالثة عالمياً، وتمَّ تبرئة الشعب السوداني بأكمله، والذي كان مثاراً للسخرية و التنكيت (الكَسَلي) لفترات طويلة. ياجماعة، في مدارس السويد يتم تعليم الطلَّاب الأشغال العامة مثل النجارة، النحت، الإلكترونيات، الرسم، الزراعة، التصوير، حيث يريدون أن ينشؤوا جيلا يحترم (المهن) ويمارسها أيضاً، ولو في فترة من فترات حياته، بينما يتخرج لدينا آلاف الطلبة السعوديين كلّ عام لايعرف الكثير منهم كيف يقوم بتركيب (لمبة) غرفتهم اذا احترقت. ولكن الغريب.. هو من أين أتت فكرة أنّ السودانيين كُسالى مقارنةً بنا؟ وكيف أمكن لهذه الصور النمطية عن الشعوب أن يتم تعميمها وترسيخها من خلال وسائل الاعلام والنكات؟ وكيف أمكن للكثير من الناس في السعودية النجاة من فكرة كونهم كسالى، بينما لاتخلو مثلاً منازلهم من عاملة منزلية أو سائق!! أليس من النادر أن نجد مسافراً منّا يحمل حقائبه بنفسه؟!، ألا تطلب المرأة من زوجها أو سائقها أن يوقفها تماماً على باب (المول) أو السوبرماركت وليس في المواقف كما يفترض؟!. ألا نسخر غالباً من الذين يستخدمون (الدرج) العادي مقابل استخدام المصاعد و السلالم الكهربائية!! بصراحة.. أظنّ أن افراطنا في السخرية فيما نعتبره (كسلا) عند الآخرين يحتاج إلى حالة من التحليل النفسي، إذ يبدو أن تلك الاتهامات عبارة عن حالة من (الاسقاط)، بمعنى أن يُسقط الفرد على الآخرين ما يشعر به من نقائص وارتباكات، وكأنه يريد أن ينفي عن نفسه هذه الصفة أو يقوم بتصديرها للغير، ليتساوى معهم، أو يضع نفسه في مكانة أعلى منهم. في الحقيقة ليس لديّ أي تفسير آخر لهذا الاندفاع الذي نمارسه نحو التقليل من قيمة الناس، خاصة أولئك الذين يقومون على خدمتنا وراحتنا لنستمتع بالمزيد من الكسل، وارتفاع السكر، والوزن، وضغط الدم. twitter: @hildaismail