رحل عنا واحد من الزعماء الذين ينطبق عليهم ما قيل في المتنبي «مالئ الدنيا وشاغل الناس» هوغو تشافيز العسكري الفنزويلي الذي كان يحلم أن يحقق العدل الاجتماعي في بلده الفقير وفق نهج اشتراكي معادي للرأسمالية ، فقاد انقلابا عسكريا فاشلا لأجل ذلك ، ولكن وحدها أصوات الفقراء هي من نصبته رئيساً عام 1999، وأعادت تنصيبه حتى توفي في ولايته الثالثة . اعتمد تشافيز برنامجا انتخابيا لمكافحة الفقر في بلده، ووفق لهذا التوجه الذي اخلص له طيلة حياته كان يسمى «أبو الفقراء» وكان يجاهد لتقسيم عادل للثروات على الفقراء بعد استئثار الأغنياء بها قبل حكمه. في عهده قام الرجل بعدد من الخطوات التي وسعت قاعدة خصومه ومعارضيه، واعد خططا مرحلية إصلاحية ركزت على الاقتصاد بدولته التي كانت تعاني فقرا مدقعا واتساعا بين الطبقات الاجتماعية، قام بخطوات جريئة وان كان المراقب الاقتصادي لتلك الخطط يراها آنية ولا تخدم الاقتصاد الشمولي الذي يؤسس لاقتصاد نامٍ وقوي، إذ كانت الثروات تذهب إلى انتشال عائلات فنزويلية من فكي الجوع والفقر والعوز والجهل، وحققت الهدف الإنساني منها فكان هم الرئيس تشافيز هو هؤلاء الفقراء وتقسيم الثروة بالعدل. ولكن هناك من يرى أن تلك القاعدة متينة لبناء اقتصاد واعد في فنزويلا. قام تشافيز بتأميم العديد من الممتلكات منها على سبيل المثال 60% من الأراضي الزراعي التي كان يسيطر عليها نافذون يشكلون 10% من السكان فقط، وأعاد توزيعها بعدل على الفقراء. وبالسعي نحو محاربة الفقر وتحقيق المساواة الاجتماعية أعلن عن خطة توازن الفرص بين المواطنين في الخدمات كالتعليم والصحة وخلق فرص عمل جديدة في الشركات الصغير والمتوسطة، وعمل على جذب العديد من الاستثمارات لتحقيق هذا الهدف. كما قام بأهم خطوة وهي تأميم الشركة الوطنية للبترول «بى دى فى إس إيه» وذهبت عوائدها إلى بناء البنية التحتية للبلاد، ونسبة منها إلى تقديم الخدمات الاجتماعية لمن يحتاجها بصورة ملحة مجاناً. وتؤكد دراسة نشرتها مجلة «كونتربنش» الأمريكية نجاح تشافيز في تقليص معدلات الفقر في بلاده، وان ذلك كان عاملا رئيسيا على تعزيز شعبيته وتصدره انتخابات 2012 رغم مرضه. ووفقاً لبيانات البنك الدولي فإن فنزويلا استطاعت أن تخفض الفقر بنسبة 44% ليبلغ 21% في 2011 نزولا من 70,8% في 1996، وتقليص الفقر الشديد ليصل إلى 7.3% في 2010 نزولا من 40% في 1996. واستفاد نحو 20 مليون شخص من برامج مكافحة الفقر، حيث حصل 2.1 مليون شخص من كبار السن على معاشات مقابل 387 ألف شخص فقط حصلوا على معاشات قبل مجيء تشافيز للسلطة. خبر وفاته زلزل كيان الفقراء الذين ناصرهم ضد الرأسمالية المتسلطة، ما جعل منه قائدا محبوبا، سيظل التاريخ يذكره رغم الحرب الإعلامية التي قادها الغرب ضده.