صورتان تمثلان امتزاجا متضادا في مجتمعاتنا العربية... أمثلة حية لواقع مرير... منها ما هو «قرف» ومنها ما هو «ترف»... الحياة والبشر كطوابع البريد، على مظاريف نسيها الساعي... أو كبندول ساعة، «فرط» من أتراسه... الصورة الأولى : بلا حول لها ولا قوة، تتنفس أولى أيام حياتها في ملجأ للأيتام. مع أن أبويها على قيد الحياة ولكن ساقها قدرها أن تكون «مجهولة الأبوين». تتربى في أحضان جدران اكل عليها الدهر وشرب حتى باتت معقوفة منكفئة على حالها، فهي بالنسبة لطفلتنا هذه، الأم والأب والأخ والأخت والأصدقاء. تشكو حالها للجدار كل ليلة عل هناك من يستمع لأنينها خلفه ويحنو على قلبها الفاقد لظل الأب وحنان الأم. كبرت طفلتنا وأصبحت عروسة محروسة ....................... ما حصل لها بعد كل تلك السنين العجاف ؟؟ سؤال فاق مخيلتي الجواب عليه. صورتان تمثلان امتزاجا متضادا في مجتمعاتنا العربية... أمثلة حية لواقع مرير... منها ما هو «قرف» ومنها ما هو «ترف»... الحياة والبشر كطوابع البريد، على مظاريف نسيها الساعي... أو كبندول ساعة، «فرط» من أتراسه ... الصورة الثانية : أنت مجرد «سيكورتي» لا راح ولا جى ... هذا العبارة التي يسمعها صديقنا أحمد، المواطن في دولة عربية. أتذكره جيدا عندما كان في المراحل الدراسية «المدرسية» وما يتميز به عن الآخرين بالخلق الرفيع والذكاء والفطنة وطبعا الأول على فصله دائما. لم يحالفه الحظ في الحصول على مقعد شاغر في احدى الجامعات المحلية، وتجاوز الفترة المحددة من تخرجه ليصطاد موافقة للابتعاث الخارجي. بعد أن قرأ إعلانا في احدى الصحف بضمان أن الشهادة ستكفل له وظيفة حكومية على المرتبة السادسة، أكمل صديقنا دراسته في أحد المعاهد الأهلية وتخرج بدرجة امتياز مع مرتبة الشرف، ومازال منذ 10 سنين ينتظر إعلان اسمه ضمن قوائم المقبولين في الوظائف العامة. أحمد الإنسان، أحمد المواطن، أحمد المجتهد، أحمد صاحب الأخلاق الرفيعة، أحمد المتخرج مع مرتبة الشرف، قرر الرحيل عن هذه الدنيا كاظما غيظه، فاسحا المجال لأحمد آخر أن يلعب دور البطولة في نفس السيناريو.