مما روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث: (أنت ومالك لأبيك) رواه جماعة من الصحابة رواه عمرو بن العاص، وعمر، وابن عمر، وجابر بن عبد الله، وابن مسعود، وسمرة بن جندب، وعائشة رضي الله تعالى عنهم. ورجح بعض العلماء جواز الاحتجاج به لتعدد طرقه والصواب أنه ضعيف روي بأسانيد ضعيفة ليس المقام هنا مقام ذكر ذلك. وقد اختلف الفقهاء في حكم أخذ الوالد مال ولده على أقوال: الأول: ليس للأب أن يتملك من مال ولده إلا ما احتاج إليه من نفقته. الثاني: أن للأب أن يتملك من مال ولده ما شاء مطلقًا. الثالث: أن للأب أن يتملك من مال ولده بشروط أهمها عدم الإضرار به. وقد وجّه الجمهور حديث (أنت ومالك لأبيك) على معنى أنه إذا احتاج إلى مالك أخذ منه قدر الحاجة، أو أن المقصود منه المبالغة في البر والعطاء، لا الملكية. وتمسك بعضهم في القول بتمليك الوالد مال ولده بقوله صلى الله عليه وسلم: (إن أولادكم من أطيب كسبكم، فكلوا من كسب أولادكم). فقالوا الولد وماله من أطيب كسب الوالد؛ وهذا يدل على إباحة الانتفاع به؛ وهو غير ظاهر في معنى التملك فليس في هذا الحديث ما يدل على أن مال الولد ملك والده وغاية ما فيه أن أكل الوالد من مال الولد داخل في أطيب كسب الوالد وليس فيه تمليك الوالد مال ولده وهو محمول على ما يدخل في الحقوق الواجبة على الأبناء نحو آبائهم وأمهاتهم من النفقة وما يحتاجون إليه عند العجز. ومع ضعف إسناد الحديث الأول فإنه يعارضه ما في صحيح البخاري عن أبي يزيد معن بن يزيد بن الأخنس رَضي اللَّه عَنْه قَالَ: كان أبو يزيد أخرج دنانير يتصدق بها فوضعها عند رجل في المسجد فجئت فأخذتها فأتيته بها فقَالَ: واللَّه ما إياك أردت! فخاصمته إِلَى رَسُول اللّهِ صَلَّى اللّهُ عَلَيْهِ وَسَلّم فقَالَ: (لك ما نويت يا يزيد ولك ما أخذت يا معن ). ويعارضه أيضا عموم الأدلة التي تحذر من أخذ مال الغير إلا بطيب نفس من صاحبه كحديث حنيفة الرقاشي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:( لا يحل مَال امْرِئ مُسْلِم إِلَّا بِطِيب نَفْسٍ مِنْه ). أخرجه البيهقي في الشعب والسنن الكبرى وهو حديث صحيح صححه الألباني وله شواهد كثيرة. وحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خطب الناس يوم النحر فقال: (يا أيها الناس أي يوم هذا) قالوا يوم حرام قال: (فأي بلد هذا ) قالوا بلد حرام قال: (فأي شهر هذا) قالوا شهر حرام قال: (فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا)أخرجه البخاري ومسلم وغيرهما. ويعارضه قوله تعالى:( وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالبَاطِلِ). ومال الولد داخل في ذلك كله. ويصحح ذلك قوله تعالى: (وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ). فالآية تدل على أن الابن مالك لماله دون أبيه وليس للوالد منه إلا الفرض المقدر في الميراث. وقد وجّه الجمهور حديث (أنت ومالك لأبيك) على معنى أنه إذا احتاج إلى مالك أخذ منه قدر الحاجة، أو أن المقصود منه المبالغة في البر والعطاء، لا الملكية. كَقَوْلِ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إنَّمَا أَنَا وَمَالِي لَك يَا رَسُولَ اللَّهِ . ومُرَادُه بذلك أَنَّ أَقْوَالَك وَأَفْعَالَك نَافِذَةٌ فِي وَفِي مَالِي مَا تَنْفُذُ الْأَقْوَالُ وَالْأَفْعَالُ مِنْ مَالِكِي الأشْيَاءِ فِي الأشْيَاءِ. [email protected]