الناس للناس والكل بالله ،حكمةٌ طالما سمعناها من آبائنا (شيبانا) حثاً وتحريضاً منهم على المبادرة في تقديم العون للناس، وفي الوقت نفسه تقبل العون من الآخرين وهو الأصعب عند البعض، ولأننا في القرن الواحد والعشرين، القرن الذي انتقلت كثير من أوجه الحياة إلى الواقع الافتراضي، فإن لحكمتنا العتيقة مساحة في هذا العالم الحديث، ولكن بصيغة جديدة. في منتدى جدة الاقتصادي قصة شباب يقدمون مشروعاً للشباب، هدية شبابية، محتواها وغلافها وهدفها شبابي، مشروع «الشباب للشباب» (من المستهلك إلى المستهلك). انعقد في الأسبوع الماضي منتدى جدة الاقتصادي تحت شعار «متغيرات القرن الواحد والعشرين»، وهو أحد المنتديات الاقتصادية العالمية التي تحظى باهتمام بالغ في الأوساط السياسية والاقتصادية معاً، وعلى الرغم من الأحداث السياسية الكبرى التي تحيط بالمنطقة، إلا أنه كان ناجحاً نجاحاً نوعياً، من جهة المتحدثين الذين يمثلون شريحة مهمة من الإداريين ورجال الأعمال الناجحين بمعية المسئولين وأصحاب القرار محلياً وعالمياً، ومن جهة الأطروحات المقدمة التي تعكس المحركات الحديثة في الاقتصاد العالمي. «الشباب للشباب» هو مشروع إلكتروني وطني يهدف إلى رصد وتصنيف كافة الخدمات التطوعية للشباب إلكترونياً وتجميعها في قاعدة بيانات موحدة بغرض مساعدة أصحاب المبادرات المبتكرة والطموحة للحصول على افضل الاستشارات للمستهلكين.«الشباب للشباب» هو مشروع إلكتروني وطني يهدف إلى رصد وتصنيف كافة الخدمات التطوعية للشباب إلكترونياً وتجميعها في قاعدة بيانات موحدة بغرض مساعدة أصحاب المبادرات المبتكرة والطموحة من الشباب المتطلع للحصول على الاستشارات والتواصل مع بعضهم البعض ومع بقية أفراد المجتمع (المستهلكين) والمستثمرين،وقد قدمت المشروع (المبادرة) جامعة عفت وعنونته بعنوان رائع «الشباب للشباب: نقطة البداية بضغطة زر». شخصياً أنا متحمس جداً لهذا المشروع لعدة أسباب، منها أن شبابنا ولله الحمد من المستخدمين وبشكل فعال للتقنيات الحديثة، فقد أثبتت السنوات الأخيرة أن شبابنا يميل أولاً لاستخدام ما بين يديه من مواقع إلكترونية وجوالات لإنهاء أعماله والتواصل مع الآخرين ما يشكل أرضية جاهزة لمثل هذه المشاريع، والسبب الآخر والأهم هو أننا في أمس الحاجة لقاعدة بيانات خاصة بمبادرات وأعمال الشباب التطوعية بغرض تيسير الوصول لتفاصيل هذه الأعمال وكذلك تصنيفها وإبرازها. ولعلك تشاركني الرأي إن إبراز الأعمال التطوعية يعد بحد ذاته هدفاً يجب الاهتمام به بشكل خاص، لا أميل للناحية الإعلانية والدعاية، فشبابنا يعمل الكثير لمجتمعه ووطنه ولكن بصمت، هذا ما تمليه علينا ثقافتنا وتقاليدنا، هذا الصمت الذي ظلم الشباب ورسم صورة غير حقيقة عنهم في أذهان غير المطلعين، فمثل هذه المشاريع ستبرز الأعمال التطوعية للشباب وتصنفها وتيسر الوصول إليها وبالتالي ستغير الصورة النمطية حول الشباب وستخلق مفاهيم جديدة للمسؤولية الوطنية والاجتماعية. ماذا لو احتجت (لدورة) وتقدّم شاب متطوع يرغب في الخدمة؟ ماذا لو احتجت لدراسة جدوى لفتح مشروع يخدم المستهلكين ووجدت من يكتبها لك تطوعياً؟ ماذا لو وجدت مستشاراً متطوعاً لاستثمار وإدخار أموالك؟ كثيرة هي النواحي التي يمكن أن تشملها الأعمال التطوعية، سيقوم الشاب المتطوع بتخفيف أعباء الحياة عن الكثيرين وسييسر على البعض معاناتهم، سيقوم هذا الشاب وبدون قصد بإضافة لون جديد وجميل نقي وبارز على لوحة السوق الممتلئة ألواناً من الجشع، الاستغلال، والتلاعب. ما أثارني حقاً إن ما كنا نسمعه من شيباننا الممتزجة كلماتهم بالخبرة والحكمة، اليوم نعاود سماعه من شاب متأنق سيضيف لعالم (السوق والإستهلاك) رؤية جديدة بعين ملؤها الأمل والثقة، فهل سنستمع لهذا الشاب يا ترى؟