على الرغم من أن إيران ومجموعة من القوى الرئيسية مازالت بعيدة عن بعضها البعض بشكل كبير قبل إجراء جولة جديدة من المحادثات النووية يوم الثلاثاء المقبل في كازاخستان إلا أن الجانبين يريدان تجنب تصاعد الصراع. وأدى النزاع المستمر منذ فترة طويلة إلى فرض عقوبات على إيران ضربت اقتصادها ودفعت إسرائيل إلى التهديد بشن هجمات ضد المنشآت النووية الإيرانية. ويشهد يوم الثلاثاء بداية لأحدث جولة من المحادثات بين الجمهورية الإسلامية والدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن (الولاياتالمتحدة وبريطانيا وفرنسا وروسيا والصين) بالإضافة إلى ألمانيا. وأوضحت الدول الست أنها ستواصل الضغط على إيران لوقف برنامجها لتخصيب اليورانيوم وإغلاق محطة التخصيب «فوردو» حتى تبدد الشكوك بشأن نوايا طهران النووية. وترفض إيران المطلبين مشددة على أنها تسعى فحسب إلى تطوير طاقة وعلوم نووية ولا تسعى لصنع أسلحة ذرية. وقال دبلوماسي أجنبي في طهران قبل المحادثات التي تجرى في مدينة ألماتي أكبر مدينة في كازاخستان :»هذه المرة هناك بعض الأسباب التي تدعو للتفاؤل نظرا لأن الجانبين لا يريدان جعل الأمور أكثر سوءا مما هي عليه». ويلوح زعماء إسرائيليون بأن الفشل الصريح في عملية التفاوض يمكن أن يؤدي إلى شن هجوم إسرائيلي على مواقع نووية إيرانية لوقف مساعي البلاد المزعومة لصنع أسلحة. وتريد ما تسمى بمجموعة «5»1» التي ستقودها كاثرين أشتون مسئولة السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي في مدينة ألماتي الحيلولة دون وقوع مثل هذا السيناريو وتداعياته التي لا يمكن التنبؤ بها بالنسبة للشرق الأوسط. وفي إيران فإن العقوبات الدولية المؤلمة لاسيما بالنسبة للحظر الغربي لنفط إيران أصبحت أكثر صعوبة لدرجة لا يمكن تحملها مع استمرار الأزمة النووية. ويواجه الاقتصاد الإيراني أزمة وفقد الريال الإيراني أكثر من نصف قيمته خلال العام الماضي. وتراجعت عائدات النفط بواقع أكثر من 30 مليون يورو (40 مليون دولار) في عام 2012. قال دبلوماسي أجنبي في طهران قبل المحادثات التي تجرى في مدينة ألماتي أكبر مدينة في كازاخستان :»هذه المرة هناك بعض الأسباب التي تدعو للتفاؤل نظرا لأن الجانبين لا يريدان جعل الأمور أكثر سوءا مما هي عليه» وفي هذا الصدد يقول عالم سياسي في طهران طلب عدم الكشف عن هويته :»سيكون التوصل إلى حل وسط من مصلحة الجانبين. سيتعين على الجميع أن يكونوا واقعيين فحسب وألا يسيسون الصراع أكثر من ذلك». وأضاف: إن التوصل إلى حل وسط يتعين أن يشمل اعترافا من قبل الغرب بحق إيران في تطوير برنامج نووي مدني، تخصب بموجبه الجمهورية الإسلامية بنسبة حوالي 5 بالمائة كوقود للمفاعلات النووية. وفي المقابل سيتعين على إيران السماح بإجراء المزيد من عمليات التفتيش من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية والتخلي عن برنامجها لتخصيب اليورانيوم إلى نسبة 20 بالمائة. وتخصيب اليورانيوم إلى تلك الدرجة العالية يمثل مصدر قلق واسع للقوى الست نظرا لأنه يمكنه سريعا أن يتحول إلى مادة تستخدم في صنع أسلحة. وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإيرانية رامين مهمانبراست :»إذا احترمتوا حقوقنا، سنبدد جميع مخاوفهم ويمكن تسوية كل شيء سريعا جدا». وأضاف: انه في تلك الحالة سيتم السماح للوكالة الدولية للطاقة الذرية بدخول موقع «بارشين» العسكري الذي تقول هيئات استخباراتية غربية إنه يجرى فيه اختبار أجزاء أسلحة نووية رئيسية. غير أن مجموعة «5»1» تريد من إيران اتخاذ الخطوة الأولى وهي وقف التخصيب والسماح للمفتشين الدوليين بدخول موقع «بارشين» قبل تقديم أي تنازلات من جانبها. وقبيل اجتماع ألماتي لكبار الدبلوماسيين ذكرت وكالة الطاقة الذرية الخميس أن إيران بدأت نصب أجهزة متقدمة للطرد المركزي في موقع «ناتانز»، الأمر الذي يسمح لها بتخصيب اليورانيوم بشكل أسرع بكثير. وعلى الجانب الآخر ، قال التقرير: إن إيران حولت بعضا من مخزونها لليورانيوم المخصب بنسبة 20 بالمائة إلى وقود لمفاعلات نووية مما يبطئ معدل النمو في المواد التي تعتبر مصدرا محتملا لصنع أسلحة. غير أن الدول الغربية لم تعتبر ذلك مؤشرا على نهج تصالحي قبل محادثات الثلاثاء المقبل.