دان مجلس الامن الدولي بشدة التجربة النووية الثالثة التي أجرتها كوريا الشمالية صباح الثلاثاء، وتوعدها بإجراءات عقابية فورية. وأعلنت وكالة مراقبة التجارب النووية ومقرها فيينا ان الانفجار الذي رصد الثلاثاء في اعقاب تجربة نووية جوفية في كوريا الشمالية يصل الى مستوى زلزال بقوة 5,0 درجات على مقياس ريشتر. وبلغت قوة التجربة النووية السابقة لكوريا الشمالية (عام 2009) 4,2 درجات على مقياس ريشتر. وقالت الوكالة ان الموقع الذي شهد «حادثة زلزالية لديها ميزات انفجار...يتطابق الى حد كبير» مع موقع التجربتين النوويتين السابقتين عامي 2006 و2009. وتابعت «كما كانت الحال في التجربتين السابقتين، صدرت الاشارة من مكان قرب سطح» الارض. وتستعين الوكالة بمعدات قياس (للزلازل او لتحليل جسيمات مشعة في الهواء) موزعة حول العالم. وجمعت حتى الآن بيانات واردة من حوالى 25 محطة لقياس الزلازل على ما اكدت في بيان، وسيقوم خبراؤها بتحليلها كافة قبل اصدار تقرير مرحلي يقدم الى الدول الاعضاء في غضون 48 ساعة. وقدرت وزارة الدفاع الكورية الحنوبية قوة انفجار الثلاثاء بين 6 و7 كيلوطن مقابل كيلوطن واحد لتجربة 2006 وما بين 2 و6 كيلوطن لتجربة 2009. وبلغ وزن القنبلة الذرية التي ألقاها الامريكيون على هيروشيما 15 كيلوطن. وقالت السفيرة الاميركية في الاممالمتحدة سوزان رايس ان كوريا الشمالية ستواجه «عزلة وضغوطا متزايدة» بسبب اجرائها تجربة نووية ثالثة. وصرحت للصحافيين عقب انتهاء جلسة مغلقة لمجلس الامن أن المجلس سيبدأ فورا محادثات حول فرض عقوبات جديدة على بيونغ يانغ. مؤكدة انه «لن يتم التساهل» مع اعمال كوريا الشمالية «وستواجه بمزيد من العزلة والضغوط على كوريا الشمالية بموجب عقوبات الاممالمتحدة». لكن بيونغ يانغ تحدت العالم بأنها لن تذعن لأية قرارات «غير منطقية» ضدها معتبرة أن احتمالات نزع الاسلحة النووية في شبه الجزيرة الكورية تتدهور في وجه العداء الاميركي. وصرح جون يونغ ريونغ السكرتير الاول لبعثة كوريا الشمالية في جنيف امام منتدى الاممالمتحدة أن «الولاياتالمتحدة واتباعها مخطئون بشكل محزن اذا ظنوا ان كوريا الشمالية ستقبل بالقرارات غير المنطقية تماما ضدها». واضاف ان «كوريا الشمالية لن تقيدها ابدا اية قرارات». واعتبر جون أن التجربة النووية التي أجرتها بلاده وهي الثالثة خلال سبع سنوات، «آمنة وممتازة» مؤكدا انها «جزء من اجراءات عملية للدفاع عن امن وسيادة البلاد في مواجهة العمل العدائي الضاري الذي تشنه الولاياتالمتحدة». وقال ان التجربة «ستشجع جيش وشعب كوريا الشمالية بشكل كبير في جهودهم لبناء دولة قوية .. ويقدم فرصة مهمة لضمان السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية والمنطقة». وفيما يتعلق بالجهود الدبلوماسية لوقف سباق التسلح، اكد جون ان «احتمال نزع الاسلحة النووية من شبه الجزيرة الكورية اصبح اكثر قتامة بسبب السياسات الاميركية العدائية تجاه كوريا الشمالية والتي باتت اكثر وضوحا». كما انتقد الاتحاد الاوروبي بسبب عدم عمله بحيادية لانهاء الازمة النووية. وقال «اذا كان الاتحاد الاوروبي يرغب فعلا في السلام والاستقرار في شبه الجزيرة الكورية، فعليه ان يحث الولاياتالمتحدة اولا على انهاء سياستها العدائية تجاه كوريا الشمالية على اساس حيادي». وانتقد جون بشدة اليابان التي سارع رئيس وزرائها شينزو ابي الى ادانة التجربة النووية ووصفها بانها «مؤسفة للغاية». وقال جون ان النقد الياباني ينبع من «الطبيعة الاساسية لليابانيين الذين لا يحبون ان يروا الامور تسير بشكل جيد في الدول الاخرى». وجاء في بيان مجلس الأمن الذي تلاه وزير خارجية كوريا الجنوبية كيم سونغ هوان ان التفجير الذي اجرته بيونغ يانع يشكل «تهديدا واضحا للسلام والامن الدوليين». والشهر الماضي اصدر المجلس المؤلف من 15 عضوا قرارا يهدد باتخاذ «عمل كبير» ضد كوريا الشمالية في حال اجرائها تجربة نووية جديدة او عملية اطلاق صاروخ. حيث فرض مجلس الأمن عقوبات على كوريا الشمالية بسبب تجربتيها النوويتين وجرى تشديد هذه العقوبات الشهر الماضي بسبب اطلاق بيونغ يانغ صاروخا في 12 كانون الاول/ديسمبر. واضاف المجلس وكالة الفضاء الحكومية الكورية الشمالية ومصرفا واربع شركات تجارية واربعة افراد الى قائمة العقوبات الحالية. ووافقت الصين في ذلك الوقت على اضافة التهديد ب»عمل كبير» الى القرار في حال اجرت كوريا الشمالية تجربة نووية جديدة. وتواجه كوريا الشمالية عقوبات دولية قاسية بسبب تفجيرين اجرتهما في 2006 و2009 وبسبب تفجير الثلاثاء. وأعلنت بيونغ يانغ أنها أجرت تجربة ناجحة على قنبلة «مصغرة» في خطوة تحد اثارت احتجاجا موحدا نادرا من الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الامن -- الولاياتالمتحدة، الصين، روسيا، بريطانيا وفرنسا. واستدعت الصين، حليفة بيونغ يانغ القوية، سفير كوريا الشمالية في بكين لتقديم احتجاج له على التجربة. وجميع عواصم القرار العالمي دانت كوريا الشمالية وقال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف اثناء زيارة الى جنوب افريقيا «ان مثل هذه الاعمال تستحق الادانة وتتطلب ردا مناسبا». ودعا الرئيس الاميركي باراك اوباما الى تحرك دولي «سريع» و»قوي». وسيتم التركيز الان على مدى استعداد الصين لفرض اجراءات صارمة ضد حليفتها التي دأبت على حمايتها من اي عمل دولي، بحسب ما ذكر دبلوماسيون . وبذلت الصين جهدا خاصا لمنع كوريا الشمالية من اجراء التجربة الاخيرة، بحسب ما افاد دبلوماسي في الاممالمتحدة شارك في المشارات الاخيرة. وقال الدبلوماسي الذي طلب عدم الكشف عن هويته ان «الصين قدمت تحذيرا قويا للكوريين الشماليين من مغبة اجراء التجربة مع تزايد المؤشرات على انها على وشك الحدوث». واضاف «ما قام به الكوريون الشماليون الآن يعتبر تحديا كبيرا للصينيين». وذكرت سوزان ديماغيو نائب رئيس «مجتمع اسيا» وهو منتدى سياسة مقره نيويورك ان «عدم قدرة الصين على اقناع كوريا الشمالية بعدم اجراء التجربة النووية الثالثة يكشف عن محدودية نفوذ بكين على تصرفات بيونغ يانغ بكل وضوح». واضافت «بصراحة فان زعيم كوريا الشمالية الجديد والشاب كيم جونغ-اون أحرج القيادة الصينية بالاستفزاز الاخير». وقالت انه من غير المرجح ان تفرض الصين عقوبات احادية ان تقطع مساعدتها لكوريا الشمالية «ولكن هذه التجربة لا تترك للصين خيارا سوى دعم فرض عقوبات دولية اقوى». ودان الامين العام للامم المتحدة بان كي مون التجربة النووية ووصفها بانها «انتهاك واضح وخطير» لقرارات مجلس الامن «وعمل يزعزع الاستقرار بشكل كبير» في المنطقة، بحسب المتحدث باسمه.