بعد مسيرة من العطاء المخلص لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز الذي نبادله اليوم وفاء بوفاء مقرونا بالشكر والثناء، وبعد ما ينوف على ربع قرن من الزمان ترجل سموه عن سنام إمارة المنطقة الشرقية بناء على طلبه لظروف سموه الخاصة، تاركا المنطقة حافلة بكثير من الانجازات والتطوير التنموي العمراني والحضري والاجتماعي والإنساني التي يلمسها أبناء المنطقة والمقيمون فيها وزائروها، ولسموه جهود مشكورة في مجالات عديدة يصعب حصرها في مساحة هذه المقالة الموجزة. من الحق أن نعترف أنه كانت لسموه الكريم مواقف مشهودة، وآراء سديدة تعبر بجلاء عن شخصيته القيادية وتميزه الإداري كرجل من رجالات الدولة لا يستغنى عن خبرته وجهده وآرائه في الملمات وإدارة الأزمات، ولا غرو في ذلك فهو ابن الفهد رحمه الله القائد المحنك وتلميذه، نذكره حينما مرت المنطقة بأحوال عصيبة جداً بحكم موقعها الجيوسياسي وقربها من مواطن التوتر، وفي ظل وجود المصدر الرئيسي للدخل (البترول) الذي يمثل شريان اقتصاديات العالم، وضرورات توفير الأمن والاستقرار في المنطقة وتجنيبها آثار الصراعات حماية لمصالح المملكة، وقد حنكت هذه التجارب سموه حينما عاصر حرب الخليج، واستضافت المملكة خلالها شعب دولة شقيقة مجاورة وقيادتها في المنطقة الشرقية فترة من الزمن، وكان منطلق قيادة كثير من العمليات هذه الرقعة الجغرافية التي أدار فيها سمو الأمير محمد حفظه الله إمارة المنطقة والعاصفة بكل جدارة ونجاح، ولا شك أن هذه التجربة جعلت من سموه مدرسة في كيفية إدارة الأزمات وتحشيد عناصر القوة للهدف الكبير الذي تكلل بالنجاح. ولقد عرفنا عن سموه حفظه الله إبان توليه إمارة المنطقة حرصه على تلمس وتلبية احتياجات المواطنين والمقيمين على حد سواء، وتسهيل الإجراءات الإدارية والمتابعة الميدانية لمرافق المنطقة، وتوجيه الأوامر المباشرة من سموه لمديري الدوائر الحكومية لإنهاء معاملات المواطنين والتسريع في الإجراءات لذوي الشأن والحوائج الملحة أو الشكاوى ودعاوى التظلم، شهادة حق أرجو ثوابها عند الله، وقد حصل أن هاتفت سموه الكريم في بعض المواقف، فوجدت منه تجاوبا شخصيا سريعا، وحدث ذلك للكثيرين، فشكراً لسمو الأمير شكراً شكراً وهي الكلمة التي يرددها أبناء الشرقية لهذا القائد يوم توديعه. ولا شك فإن هذه الأرض منجبة للأسياد أبناء آل سعود، وتعودت إذا خلا سيد قام سيد قؤول لما قال الكرام فعول، فها هو صاحب السمو الملكي الأمير سعود بن نايف ينصب أميراً للمنطقة الشرقية وهو خير خلف لخير سلف، ولا شك فإن سموه ليس غريباً على المنطقة التي عاش أحوالها وعرف ناسها إبان عمله نائباً لأمير المنطقة لمدة تسع سنوات، وكان حينها خير عضد وساعد للأمير محمد، وهو ما يجعل عودة سموه استكمالاً لتلك المرحلة الرائعة حيث عرف عن سموه الحزم والجدية والانضباط والرغبة في الإنجاز والعمل بلا كلل ولا ملل مع التواضع الجم والخلق الرفيع، ولا يستغرب ذلك على نجل نايف بن عبدالعزيز وابن مدرسته العظيمة في الإدارة وصاحب الشخصية القيادية كرجل مسئولية ورجل سلطة تمتزج حكمته بالحزم مع التريث وبعد النظر، ولاشك لدينا أن مسيرة التنمية ستستمر على يد سمو الأمير سعود وهو خير من يقوم بحمل هذه الأمانة بكل جدارة، وهو يستحق الثقة التي نالها من المقام السامي التي تتوج عطاءاته لوطنه في كافة المواقع التي ملك ناصيتها، وأهل المنطقة الشرقية يأملون من سموه مزيداً من الإنجاز والتطوير، وسيكونون خير داعم لما سيتخذه سموه من قرارات وما سيرسمه من سياسات في المنطقة في ظل القيادة الحكيمة لخادم الحرمين الشريفين وسمو ولي عهده الأمين فشكراً شكراً لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن فهد بن عبدالعزيز على ما بذل من عمره وجهده وجعله مباركاً أينما كان، ووفق الله الأمير سعود بن نايف وأعانه لما فيه خير هذه البلاد وأتم عليها نعمة الأمن والأمان، والله معكم ولن يتركم أعمالكم. القاضي السابق والمحامي حاليا [email protected]