نجح نشطاء فلسطينيون ومتضامنون أجانب في تشييد قرية جديدة تعرف ب"باب الكرامة" على أراضي قرية يبت إكسا شمال غرب القدس المهددة بالمصادرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، كنموذج يحاكي قرية "باب الشمس" التي هدمها الاحتلال قبل نحو أسبوع شرقي المدينة. ونصب هؤلاء النشطاء الذين تجاوز عددهم ال200 ناشط ثلاث خيام، وأقاموا مسجدًا من الطوب ظُهْر الجمعة ليكون أوّل معالم قرية الكرامة، فيما يعتزمون نصب خيمة رابعة، في تحدٍ كبير للاحتلال الذي يحاول مرارًا وتكرارًا استفزازهم وثنيهم عن تحقيق هدفهم وإيصال رسالتهم. وفي محاولة لاستفزازهم، اقتحم جنود الاحتلال القرية، وقاموا بتصوير النشطاء والخِيَم، دون أية محاولة للاعتداء عليهم أو حتى قمعهم، بل حاولوا الحديث معهم، إلّا أن النشطاء رفضوا ذلك. يقول الناشط أسامة زايد: " إن فكرة إقامة القرية على أراضي قرية بيت اكسا جاءت لتثبيت حقنا على هذه الأرض ومنعاً لمصادرتها من قِبل الاحتلال، وكذلك استكمالًا لقرية باب الشمس التي أقيمت شرقي القدس الأسبوع الماضي وهدمها الاحتلال. ويضيف: إن "ممارسات الاحتلال وإجراءاته المتواصلة بحق الأراضي الفلسطينية دفعتنا بالأمس إلى تشييد هذه القرية ونصْب الخيام وبِناء المسجد الذي أدّينا فيه صلاة الجمعة، وهناك نحو 35 ناشطًا تمكنوا من المبيت داخل تلك القرية وبعضهم الآخر لم يتمكن من ذلك". ويشير إلى أن جنود الاحتلال اقتحموا القرية لمدة عشر دقائق تقريبًا، وقاموا بتصوير النُّشطاء والخيم، وحاولوا التحدث معهم، إلا أن النشطاء لم يُعيروا أيَّ اهتمام لهؤلاء الجنود، وواصلوا عملهم. ويلفت إلى أن العديد من المتضامنين والمواطنين يواصلون توافدهم إلى القرية من أجل تثبيت حقهم على هذه الأرض المهدّدة بالمصادرة في أية لحظة، مؤكدًا أنهم بالرغم من البرد القارس سيواصلون عملهم في هذه القرية الوليدة، حتى تحقيق أهدافهم واسترجاع ما تمّ مصادرته من أراضي. وعن فعاليات اليوم داخل القرية، يوضِّح زايد أن النشطاء سيواصلون استكمال بناء القرية بنَصْب المزيد من الخيم، وكذلك استكمال بناء المسجد، واستقبال الوفود التضامنية، وهناك مخطط لزراعة كافة الأراضي بأشجار الزيتون. ويتابع ،"هذه أرضُنا، ومهما حصل من مصادرة واستيلاءٍ إسرائيلي على أراضينا، إلا أننا سنستمر في نضالنا ومُقاومتِنا حتى حماية تلك الأراضي واسترجاعها قريبًا من الاحتلال". ويتوقع زايد في أية لحظةٍ اقتحامَ الاحتلال للقرية والشروع في هدمها ،مثل ما حدث مع قرية باب الشمس، ولكنه يؤكد أنهم متواجدون هنا، ومستمرّون في البقاء حتى لو أخرجوهم بالقوة. من جانبه، يؤكد الناشط محمد ربيع " أن هناك تجاوبًا ومشاركة كبيرة من كافة الفعاليات الشعبية وأبناء الشعب الفلسطيني والمتضامنين الذين حضروا من إنجلترا وأوروبا مع هذه الفكرة، "ولكننا نتطلع لأنْ تأخذَ هذه القضية حجمًا أكبر". ويقول: "بالأمس تواجدَ جنود الاحتلال داخل القرية وحاولوا الاحتكاك بالنشطاء والحديث معهم إلّا أنهم رفضوا، فهُمْ يحاولون الاستيلاءَ على كافة الأراضي الفلسطينية من أجل التوسيع الاستيطاني". ويوجِّه ربيعُ رسالةً للعالم أجمع، مُطالبًا إيّاه بالنظر إلى الشعب الفلسطيني وما يتعرض له من ممارسات إسرائيلية وحشية، والعمل على وقف هذه الممارسات وكبحِ جماحِ الاستيطان، مطالبًا الأمة العربية والإسلامية بالوقوف إلى جانبهم ودعمهم ومُساندتهم في خِططهم النضالية. بدورها دعت حركتا حماسٍ وفتحٍ إلى ضرورة تعميم فكرة إقامة القرى الافتراضية في كلّ الأراضي المصادَرة والمُهدَّدة كأحدِ وسائلِ المقاومة الشعبية. وقالت فتح في بيان صادرٍ عن مفوّضيّة التعبئة والتنظيم في المحافظات الجنوبية أمس : "إنّ الملحمة البطولية التي جسَّدها أهلُنا على أرض قرية باب الشمس والكرامة تستحقُّ منّا أن نقف إجلالاً أمام هذه التجربة الرائدة في النضال الشعبي من أجل ترسيخ وجودنا على هذه الأرض ومواجهة سياسة البطش والاستيطان والمصادرة والتهويد ". ودعت الحركة جماهير الشعب إلى أوسع مشاركة شعبية ورسمية لتعزيز ودعم هذه الظاهرة الفريدة وتكثيف المقاومة الشعبية بكُلِّ الطُّرق والوسائل، وأن تتحوّل كلُّ أراضي الدولة الفلسطينية إلى تجمُّعاتٍ وقُرى ثابتة في وجه سياسة التهويد والمصادرة، وإمدادها وتجهيزِها بكلِّ وسائل البقاء والاستمرار والصمود. واعتبرت الحركة ما تعرّضت لهم قرية باب الشمس من هدمٍٍ وتنكيلٍ بالمواطنين إرهابَ دولةٍ منظمٍ يأتي في إطار سياسةِ التهويد والاستيطان الفاشيِّة التي تنتهجها حكومة اليمين المتطرِّف في اسرائيل .وحذَّرت الحركة من تكرار سيناريو باب الشمس مع قرية الكرامة التي أقامها أبناءُ الشعب شرقَ المدينة المقدسة ,داعيةً الجماهير الفلسطينية إلى الاحتشاد والصمود في هذه القرى ومواجهة محاولات الاقتلاع والترهيب التي يقوم بها جيشُ الاحتلال ومستوطينيه . و أدانت حركة حماس الصّمت الدذولي والعربي أمام ما يتعرّض له الشعب الفلسطيني من عدوانٍ وحصار جائر ، مُحذِّرة من نكبةٍٍ جديدة يُخطِّط الاحتلال للقيام بها.