قال الدكتور خالد الحليبي أستاذ الأدب والمختص التربوي إنّ الأدب أصبح مهدداً أمام مجموعة من العوامل ومن أهمها موجة التقنية الحديثة والإنترنت، إلا أنه توقّع تراجع موجة الإنترنت، مبيناً أننا نعيش الآن «القمة» التي نعيش فيها طغيان الإنترنت ستتبعها مرحلة نزول وانحسار حيث يتعوّد الناس على هذه التقنيات. جاء ذلك في محاضرة بعنوان «أثر الأسرة في التكوين الأدبي»، أقامها نادي المنطقة الشرقية الأدبي مساء الأحد المنصرم، وقدّمها عضو مجلس الإدارة سعيد سفر الذي عرّف بأطراف من السيرة العلمية والأدبية للمحاضر، وطرح الحليبي في محاضرته أمثلة لشخصيات أدبية في التاريخ القديم والحديث نشأت وسط أسر علمية وأدبية محللا أثر التربية في اكتسابها للأدب والأساليب التي اتبعوها. واستعرض ضمن محاضرته جوانب من سيرة نشأة الأصمعي والأمير أسامة بن منقذ، والشاعر محمد مهدي الجواهري، والأديب المسرحي محمد تيمور، كما عرض ما تطرحه أحدث الدراسات حول العوامل المساعدة على نشوء الموهبة، مبينا كيف تمت تنشئة هؤلاء المبدعين حتى أصبحوا من أبرز الأدباء والشعراء في الأدب العربي القديم والحديث. وأضاف الحليبي: ومع ما للأسرة من أثر ذلك فهم يحصلون على دعم من مصادر أخرى مع الأسرة أكثر إثراء وقوة وتنوعاً وانفتاحاً، بل وإبداعاً، كالأصدقاء والمدرسة وأماكن الترفيه. كما لم تكن الأسرة الأدبية أو العلمية مزاحمة من قبل بأي مؤثر آخر يمكنه أن ينافسها، وكان الناشئ في رحاب العلم والأدب يشعر بانتمائه إلى أسرته، وأنه فرع من شجرة عريقة، وعليه المحافظة على الأمانة. وأكد الحليبي على أنّ التنشئة وحدها ليست ذات جدوى ما لم توجد الأرضية والعجينة الطيعة للموهبة لدى الطفل، وضرب لذلك مثلاً بأحد الشعراء حيث كان يجبر أبناءه على قراءة قصيدة كل يوم في الطابور الصباحي، إلا أن الأبناء صاروا يكرهون الشعر حين شبوا عن الطوق. وتضمنت المحاضرة عددا من الأساليب التربوية لصناعة الأديب الذي أكّد الحليبي على إمكانية صناعته إذا توافرت الموهبة، كالاطلاع على جيد الشعر والأدب، وحفظ الشعر ثم نسيانه، وعلوم النحو والبلاغة والصرف التي سماها بعلوم الآلة، ثم التدريب على كتابة الشعر، مؤكداً على أهمية التدريب ممثلاً على ذلك بالشاعر كعب بن زهير الذي لم يرث الشعر من أبيه لكنه دربه عليه.