أوقفت السلطات الهندية حركة المرور في وسط العاصمة نيودلهي الاثنين فأغلقت الطرق ومحطات للسكك الحديدية في محاولة لاعادة النظام بعد أن خاضت الشرطة معارك شديدة مع محتجين أغضبهم حادث اغتصاب فتاة. وفي خطاب غير معتاد نقله التلفزيون، دعا رئيس الوزراء مانموهان سينغ المواطنين الى الهدوء بعد الاشتباكات التي نشبت في مطلع الاسبوع في نيودلهي وتعهد بمعاقبة المغتصبين على جريمتهم //المروعة//. وفاجأ حكومة سينغ -التي عادة ما يتهمها البعض بأنها لا تحس بنبض كثير من الهنود- عمق الغضب الشعبي مع تصاعد الاحتجاجات وامتدادها لمدن أخرى. وتعتبر الهند واحدة من أخطر أماكن العالم على المرأة. وبدلا من تحدي الغضب وجدت الحكومة نفسها في موضع دفاعي بسبب استخدامها القوة ضد المحتجين وأغلبهم من الطلبة في العاصمة نيودلهي وشكاوى من عدم بذلها ما يكفي من جهد لجعل البلاد أكثر أمنا للمرأة. وتظهر آراء معلقين سياسيين وخبراء في علم الاجتماع والمحتجين أن هذا الحادث مس وترا لدى الكثير من الهنود بسبب شعورهم بالإحباط مما يعتبرونه إدارة ضعيفة وقيادة متدنية في القضايا الاجتماعية والاقتصادية. وهذه الاحتجاجات هي الاكبر في العاصمة الهندية منذ مظاهرات عام 2011 احتجاجا على الفساد التي هزت الحكومة. وقالت صحيفة مينت في مقال افتتاحي: //هذه الحكومة شأنها في هذه القضية شأنها في قضايا أخرى لا فكرة لديها عن تطلعات الهند ومطالب شعبها.// وأقامت الشرطة حواجز في الطرق المؤدية الى نصب //بوابة الهند// التذكاري للمحاربين في وسط المدينة والذي أصبح مركزا للاحتجاجات التي يمثل طلبة الجامعة أغلب المشاركين فيها. كما أغلقت الكثير من محطات المترو في العاصمة مما أعاق الحركة في أنحاء المدينة التي يسكنها 16 مليونا. وتعرضت الضحية التي تبلغ من العمر 23 عاما في الهجوم الذي وقع يوم 16 ديسمبر للضرب والاغتصاب لمدة ساعة تقريبا وألقيت من حافلة متحركة في نيودلهي. ويقول أطباء: إن حالتها ما زالت حرجة وانها وضعت على جهاز للتنفس الصناعي. وفي مطلع الاسبوع قامت احتجاجات عنيفة واستخدمت الشرطة الهراوات والغاز المسيل للدموع ومدافع المياه مع المتظاهرين في العاصمة. كما قامت احتجاجات في مدن هندية أخرى لكنها كانت أكثر سلمية. وقال سينغ في كلمة للشعب نقلها التلفزيون //أناشد كل المواطنين المعنيين الحفاظ على السلام والهدوء. أؤكد لكم أننا سنبذل كل الجهود الممكنة لضمان أمن وسلامة النساء في هذا البلد.// كما تعرض سينغ للانتقاد لأنه التزم الصمت منذ حادث الاغتصاب. وأصدر بيانا للمرة الأولى أمس الأول بعد اسبوع من ارتكاب الجريمة. والتقت سونيا غاندي زعيمة حزب المؤتمر الحاكم ببعض المحتجين لسماع مطالبهم. وتظهر آراء معلّقين سياسيين وخبراء في علم الاجتماع والمحتجين أن هذا الحادث مسّ وتراً لدى الكثير من الهنود بسبب شعورهم بالاحباط مما يعتبرونه ادارة ضعيفة وقيادة متدنية في القضايا الاجتماعية والاقتصادية. وقالت رانجانا كوماري مديرة مركز الابحاث الاجتماعية في دلهي: //هناك قدر كبير من الغضب. الناس تشعر بغضب بالغ من أنه رغم وجود عدد كبير جدا من الحوادث فإنها لم تلقَ ردا كبيرا من الدولة والحكومة.// وتشهد نيودلهي أكبر عدد من الجرائم الجنسية بين المدن الهندية الرئيسية اذ يرد بلاغ عن وقوع حادث اغتصاب كل 18 ساعة في المتوسط طبقا لأرقام الشرطة. وأظهرت دراسة عالمية أجرتها مؤسسة تومسون رويترز في يونيو أن الهند هي أسوأ مكان في العالم بالنسبة للمرأة بسبب ارتفاع معدلات قتل البنات لدى ولادتهن وزواج الاطفال والعبودية. ومنذ حادث الاغتصاب الذي وقع الاسبوع الماضي وعدت السلطات بتحسين دوريات الشرطة لضمان سلامة النساء أثناء عودتهن من أعمالهن وفي مناطق الترفيه وتركيب وحدات النظام العالمي لتحديد المواقع عبر الاقمار الصناعية في وسائل النقل العام وتوفير المزيد من الحافلات ليلا والاسراع من سير المحاكمات لاصدار أحكام سريعة في قضايا الاغتصاب والاعتداء الجنسي.