ُ مصدر ساوى شيءٌ شيئاً بمعنى عادَلَه وماثَلَه، فيقال فلانٌ وفلانٌ سواءٌ، ، بمعنى التكافُؤُ في القدْر لا يزيد أحدهما على غيره ولا ينقُص، وقَوْمٌ سواءٌ إذا كانوا متماثلين، وهو معنى غيرُ مُرادٍ قطعاً، لأن المساواة المطلقة في كل شيء متعذِّرة، فكلُّ شيئين متغايرين بينهما فروق جعلتْهما متغايرين، فكان المقصود بالتساوي المماثلة في معظم الأوصاف، أو في أحدها، وإلا فلا الرجال سواء ولا النساء كذلك سواء، فقد قال رافِع بن هُرَيْمٍ : ليس الرِّجالُ وإن سُوُّوا بأَسْواءِ، وكذلك الشأن في صفة النساء كما قيل: ولسنَ بأَسواءٍ فَمِنهنَّ روْضةٌ.....ومنهنّ غُلٌّ مُقْفَلٌ . وإذا تأملنا في النصوص الشرعية وجدنا أن منشأ المساواة بين المسلمين هو مبدأ الأخوة الذي ذكره القرآن الكريم (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ) ومقصود الآية أخوَّة الدين وليس النسب، فالمؤمنون سواسية من حيث الانتساب للجامعة الإسلامية، ذلك أنهم سواء في أصل خلقتهم وفي بنوَّتهم لآدم كما في الحديث (كلكم لآدم وآدمُ من تراب) الشريعة الإسلامية تفرض التساوي في أصول التشريع أي في تعلُّق الخطاب الشرعي، لا فرق في ذلك بين رجل وامرأة، فالمسلمون سواءٌ بحكم بشريتهم في انتسابهم لآدم، وهم كذلك سواءٌ بحكم انتسابهم لدين واحد وهو الإسلام، فكانوا سواسية أمام جميع الحقوق، فاستَوَوا في حق الانتساب للجامعة الإسلامية، والتي يعبِّرُ عنها الفقهاء بحفظ الدين، وفي حق الوجود والحياة، والذي يعبِّرُ عنه الفقهاء بحفظ النفس، وفي حق الحياة الحرَّة الكريمة التي يعبِّرُ عنها الفقهاء بحفظ العقل والعرض، وفي حق الانتفاع بخيرات الأرض التي يعبِّرُ عنها الفقهاء بحفظ المالفهم متساوون في البشرية، فكانوا كذلك متساوين في تعلُّق الخطاب الشرعي بهم، لا فرق بين صغير وكبير ولا بين رجل وامرأة ولا بين عربي وعجمي ولا بين أبيض وأسود، ولذا كان خطاب الشارع الحكيم محمولا على عمومه، فإذا نصَّ على حكمٍ فإن الذكر والأنثى في تعلق الحكم به سواء، ولا يُحتاج إلى النص على الأنثى، فإن العرب تأتي بصيغة التذكير غالبا، وإن شمل اللفظُ النساء، وربما جاء الأمر بعكس ذلك، فقد قال الصحابي الجليل عبادة بن الصامت رضي الله عنه كما في البخاري: (كنا عند النبي- صلى الله عليه وسلم- وحوله عصابة من أصحابه، فقال: أتبايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئا ولا تزنوا ولا تسرفوا، وقرأ آية النساء: "يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا جَاءكَ الْمُؤْمِنَاتُ يُبَايِعْنَكَ عَلَى أَن لَّا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلَا يَسْرِقْنَ...الآية" ثم قال صلوات الله وسلامه عليه: فمَن وفَّى منكم فأجره على الله) وهذه الآية في أهم الأمور، فهي متضمِّنة كما قال العلماء لمقاصد الشريعة الخمسة، ومع ذلك فقد أخذَ رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها البيعة على الرجال وعلى النساء على السواء، مع أن لفظها بصيغة التأنيث . فالشريعة الإسلامية تفرض التساوي في أصول التشريع أي في تعلُّق الخطاب الشرعي، لا فرق في ذلك بين رجل وامرأة، فالمسلمون سواءٌ بحكم بشريتهم في انتسابهم لآدم، وهم كذلك سواءٌ بحكم انتسابهم لدين واحد وهو الإسلام، فكانوا سواسية أمام جميع الحقوق، فاستَوَوا في حق الانتساب للجامعة الإسلامية، والتي يعبِّرُ عنها الفقهاء بحفظ الدين، وفي حق الوجود والحياة، والذي يعبِّرُ عنه الفقهاء بحفظ النفس، وفي حق الحياة الحرَّة الكريمة التي يعبِّرُ عنها الفقهاء بحفظ العقل والعرض، وفي حق الانتفاع بخيرات الأرض التي يعبِّرُ عنها الفقهاء بحفظ المال . فلا فرق في جميع هذه الحقوق بين رجل وامرأة، ولا بين عربي وعجمي، لا في الضروريات التي لا يستقيم حال الفرد أو الجماعة بدونها، ولا في الحاجيَّات التي يُحتاج إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق، ولا في التحسينيَّات التي يَحْسُن بها حالُ الفرد أو الجماعة على سبيل التنعُّم والتَّرفُّه، فالجميع في كل ذلك سواء، فكلُّ ما شَهِدَت الفطرة بالتساوي فيه فالمسلمون فيه سواسية، ففي الحديث الصحيح: ( لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطع محمدٌ يدَها ) فهذا الحديث نصٌّ في مساواة بضعةِ رسول الله صلى الله عليه وسلم -وهي أعزُّ أهلِه عنده- بغيرها في حكم الحدِّ، وقد أعاذها الله من ذلك، فحرف"لو" حرفُ امتناع لامتناع، فيمتنع إقامة الحدِّ عليها لامتناع وقوع السرقة منها رضوان الله عليها . أما حين يقع ما يحول دون التساوي، فالتشريع يفرض عدم التساوي، كما قال سبحانه: (لَا يَسْتَوِي مِنكُم مَّنْ أَنفَقَ مِن قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُوْلَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِّنَ الَّذِينَ أَنفَقُوا مِن بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى) فكان عدم التساوي خلاف الأصل، وإنما يُصارُ إليه في الحالات الاستثنائية التي تعرض فيها العوارض وتحول دون التساوي، وتفصيل ذلك هو موضوع المقال التالي إن شاء الله تعالى .