لا يمكن للفن و الأدب الحقيقيين في أي زمان إلا أن يكونا محرّضين على رقي الإنسانية و منبر استئناف ضد كل ظلم أو تعصب أو عنصرية و ليس مجرد موقف تسجيلي للأحداث فتلك المهمة يحتكرها التاريخ. و من الروايات التي كان لها اكبر الأثر في الدفع بالإنسانية إلى قفزة عملاقة تجاه الرقي الإنساني رواية كوخ العم توم للكاتبة الأمريكية هرييت بيتشرستو. كان قانون العبد الآبق الذي قدمه السناتور هنري كلاي سنة 1850م و أقره الكونجرس الأمريكي وقتها قد قدم بشكل واضح مسألة حرية العبيد قرباناً لضمان عدم انفصال الولايات الجنوبية التي على العكس من معظم الولايات الشمالية تعتبر العبودية أمراً لا نقاش فيه مهددة بالانفصال إذا لم تتمدد العبودية إلى الولايات المنظمة حديثاً كالمكسيك. كان قانون العبد الآبق الذي قدمه السناتور هنري كلاي سنة 1850م و أقره الكونجرس الأمريكي وقتها قد قدم بشكل واضح مسألة حرية العبيد قرباناً لضمان عدم انفصال الولايات الجنوبية التي على العكس من معظم الولايات الشمالية تعتبر العبودية أمراً لا نقاش فيه مهددة بالانفصال إذا لم تتمدد العبودية إلى الولايات المنظمة حديثاً كالمكسيك. حرم ذلك القانون العبد الآبق من المثول أمام المحلفين، أو حتى سماعه أمام قاض، وحدد مفوضين مخصصين لهم سلطة إرسال الآبق على الفور إلى المكان الذي هرب منه، ورفع القانون مكافأة المفوضين إلى 10 دولارات بدلاً من 5 دولارات! و جعل في الإمكان تكليف أي مواطن أو جماعة لمطاردة الهاربين و من يرفض يغرّم ألف دولار، وسن عقوبة تتضمن الغرامة والسجن لكل من يساعد عبداً على الهرب، مما غل أيادي الشماليين المناصرين للحرية، و أطلق شرارة خروج جماعي لسود أمريكا الباحثين عن الحرية إلى كندا إذ إن الشمال المناصر للحرية قد أصبح بذلك القانون مجرد منطقة صيد للعبيد لا أكثر. نرى جلياً استلهام الكاتبة في روايتها، التي نشرت بعد عامين من صدور القانون و التي أضحت أكثر الكتب مبيعاً في القرن التاسع عشر، لذلك الوضع إذ إن الرواية تحكي أن اليزا زوجة العبد توم الذي قرر سيده بيعه هو و ابنه إلى سيد آخر تقرر الهرب، بينما يرفض العم توم ذلك بحجة الوفاء لسيده الغارق في الدين و الذي سيقايضه به،و اتخذت اليزا من بيت في الشمال محطة للهروب إلى كندا التي ليس للقانون المشؤوم سيادة على أراضيها. و تنجح في ذلك هي و ابنها الذي هربت به بينما ينتهي المطاف بتوم المطيع إلى الموت متأثراً بسوء المعاملة و الضرب في إحدى ولايات الجنوب الشرس. يسبق الحِسُ القيمي للمثقف النبيل الحالم حتى حِسَ المناضل السياسي، فبينما آلم ذلك القانون الكاتبة المعروفة بمناصرتها لحق السود في الحرية و المساواة أشد الألم، مما دفعها لإشعال الحرب الأهلية الأمريكية بروايتها كما قال لنكولن حين التقاها في البيت الأبيض، رأى فيه أبراهام لنكولن الذي اشتهر بلقب (محررالعبيد) ضرورة توافقية مرحلية مما أخر إصداره لقانون العتق إلى رأس سنة1863 م التي لم تحضر الكاتبة الحزينة احتفالها لشكها في تنفيذ الرئيس لوعده. لكن رغبة السياسي المحنك التقت مع حلم الكاتبة و دخل في تلك الليلة قانون إلغاء الرق التاريخي حيز التنفيذ. @attasaad1