شرفت مع غيري لحضوري مناسبة عالمية، واعتبرت رصيدا لهذه البلاد المباركة على المستوى العالمي بكل المقاييس، في النمسا وفي مدينة فيينا أسس الملك عبد الله بن عبد العزيز مركزا يحق لكل مواطن في هذه البلاد ان يفتخر به لما نأمل - باذنه تعالى - ان يحقق أهدافه التي أسس لها ومن أجلها. إن المملكة العربية السعودية التي يقود مسيرتها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير سلمان بن عبد العزيز تؤمن ايمانا كاملا بالحوار والتعايش بين اتباع الأديان والثقافات في العالم، لانه الوسيلة الناجعة لمعالجة البعدين الديني والروحي للانسان، والحوار والمجادلة بالتي هي أحسن يساهمان في منع النزاعات العالمية والتصدي لها وتسويتها، بل ويحافظان على السلام والتلاحم الاجتماعي العالمي. الحوار في فكر خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله - يعزز التفاهم المشترك والاحترام المتبادل بين الناس، ويوجد قواسم مشتركة بين الجماعات الدينية والثقافية في العالم وفقا للأهداف والقيم التي نادى بها الإعلان العالمي لحقوق الانسان دون تمييز مبني على العرق أو اللغة أو الجنس أو الدين. إن هذه البلاد وبفكر خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين تسعى الى التصدي لجميع أشكال التصنيف والتمييز بين الناس على أساس ديني أو معتقد، وما التواصل الذي تؤكد عليه قيادة هذه البلاد بين ممثلي اتباع الاديان والمؤسسات الدينية القائمة على أساس الثقافة والعقيدة إلا دليل واضح في هذا الاتجاه، بل ومع كل النخب الفاعلة في مؤسسات المجتمع المدني العالمية، والحالة هذه تنطبق تماما مع الإعلان الصادر عن المؤتمر العالمي للحوار الذي عقد في مدريد 2008م والى الاجتماع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل تعزيز الحوار بين اتباع الديانات والثقافات والتعاون بين الشعوب من أجل السلام الذي عقد في شهر نوفمبر من نفس العام، ومن أجل هذا كله سعى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الى تأسيس هذا المركز العالمي للحوار في «فيينا» بين اتباع الأديان والثقافات بالتعاون مع جمهورية النمسا واسبانيا من أجل تشجيع الاحترام المتبادل والتفاهم والتعاون المشترك بين أهل الأرض ودعم العدل والسلام في العالم، ومكافحة سوء استخدام الدين لإيجاد شرعية للاضطهاد والعنف والصراع، وكذا البحث عن أفضل السبل للتعايش والتكافؤ الديني بين الأفراد والمجتمعات والمحافظة على قدسية المواقع الدينية واحترام الكرامة الانسانية والمحافظة على البيئة ودعم التربية الدينية والأخلاقية على مستوى دول العالم، وكل ذلك جاء بوضوح في وثيقة تأسيس هذا المركز العالمي للحوار. في فيينا وفي مقر اقامتنا لحضور هذه المناسبة اختلطت كغيري مع كثير من اتباع الاديان والثقافات الذين جاؤوا من شتى بقاع العالم باختلاف مشاربهم الثقافية والدينية، وتناقشنا بكل ود وبكل احترام عن جدوى وماهية التحاور والمجادلة بين اتباع كل الاديان والثقافات، وشعرت بالفخر والاعتزاز لأن قيادة هذه البلاد وعلى رأسها خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز صنع لبنة حضارية في مجال الاعلام الدولي تبناها عقلاء ومفكرو ومثقفو العالم، وقد تحدثت مثل غيري من السعوديين الذين تشرفوا بحضور هذه المناسبة مع نخب اختيرت لحضور هذا اللقاء العالمي. كان الحديث مع بعض هذه النخب عن قيم ومبادئ الاسلام، قيم التسامح والاعتدال والوسطية، القيم التي نادى بها القرآن الكريم في احدى آياته التي نصت على قوله لرسوله (صلى الله عليه وسلم) : (وجادلهم بالتي هي أحسن)، وقال تعالى: (ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) هذه هي القيم التي نادى بها قرآننا الكريم والتي يسعى خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الى ترسيخها كنهج في الداخل والخارج. أما في الداخل فان مركز الملك عبد العزيز للحوار الوطني شاهد واضح على هذه الجزئية، وأما خارجيا فقد أسس للحوار – حفظه الله – بين علماء الإسلام في مكةالمكرمة ذهابا الى مدريد ومن ثم الى نيويورك داخل أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة، وكان نتيجة لذلك تأسيس هذا المركز باسم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في فيينا من أجل تحقيق هذه الأهداف المباركة للتعايش بين اتباع الاديان والثقافات في العالم. إن تشجيع ودعم ومؤازرة التوافق والتعايش بين الجماعات الدينية والثقافية حول قضايا الانسانية من صلب الاهداف التي يسعى اليها مركز الملك عبد الله بن عبد العزيز العالمي في فيينا، ولا يقتصر ذلك على الحوار والمجادلة بالتي هي أحسن، بل يسعى المركز الى ايجاد برامج تدريبية لتنمية مهارات الحوار والاتصال وجذب اهتمام وطاقات الشباب في قضايا وقيم الحوار بين اتباع الاديان والثقافات في العالم، وطرحت مثل غيري في هذه اللقاءات الجانبية خلال جلسات الافطار والغداء والعشاء وما بينها الاهداف السامية التي تسعى الى تحقيقها هذه البلاد المباركة بقيادة حكيمة ومتأنية وصابرة، ايمان الملك عبد الله وحلمه في حل الأزمات وبناء السلام باعتباره مطلبا عالميا تحتمه القيم الانسانية المشتركة والتعايش السلمي من أجل استقرار المجتمعات الانسانية، ولا شك في ان مركزا عالميا للحوار باسم خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز يمثل قيمة حضارية كبيرة سيكون لها – باذن الله – مردود على المستويين الثقافي والديني، وسيقضي على أحادية التفكير والتصوير النمطي سعيا الى فهم مشترك وتعايش حضاري وانساني مبني على مثل هذا التواصل والاحترام المتبادل وتقبل الرأي والرأي الآخر. حفظ الله خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير سلمان بن عبد العزيز وأدام عزهما وبارك في جهودهما من أجل تحقيق أهداف سامية للتواصل والمودة والمحبة بين الناس داخل هذه البلاد وخارجها. نائب وزير الثقافة والإعلام