«مصخ ومصاخة» مفردتان يندفعان عندما يستنفد اللسان كل الطرق، ويقرر وضع نقطة نهاية على قلة حياء بعض الأشخاص مع استحضار عاجل لكل المسببات الداعية لإطلاق هذه الصفة مصحوباً بكم هائل من التضجر وبعض الألم، الذي أحدثه «الماصخ» يختمها بكلمة مختصرة شافية ضافية تعود على ما اقترفته أيدي وألسنة هؤلاء ولعل صفة «ماصخ» تطلق على الطعام، الذي لم يتم وزن الملح بداخله، فأصبح غير مستساغ تماماً كهؤلاء، وهكذا هم الخليجيون مبدعون في الاختصارات والتشبيهات. أما «المصاخة»، فهي لفظ جامع لكل قول أو فعل أو حركة تدل على قلة العقل أو قلة الحياء أو الاستظراف في غير محله، وكثيراً ما نكتوي بنار «الماصخين» أو تهب علينا حرارتها فنتأذى ربما ليس لسوء فيهم بقدر عدم إدراكهم لحجم الألم، الذي يتركونه خلفهم، والذي يتراوح ما بين ثوران براكين وزلازل أو رياح نشطة وسحب رعدية ماطرة! أو جو ملبد بالغيوم كما تقول النشرة الجوية! أخبار متعلقة حوكمة إنشاء وصيانة الطرق والأرصفة والمنحدرات ازدحام شوارع الرياض يربك الأعمال أوكرانيا.. وعودة الحرب الباردة والأكثر غرابة أن يلقي الماصخ مصاخته، فإذا ما وقعت وقع السهم في الرمية تضاحك وتغابى ثم «زعل» وتظاهر بأنه الضحية حينها يحق لنا أن نقول «والله مصخت»! وربما لو علم المصنفون عن هؤلاء لأفردوا لهم باباً في كتبهم يشمل درجات مصاختهم والحكم التفصيلي وطريقة التعامل مع كل درجة! و«الماصخون» هم نتاج جهل مدقع قادهم لعالم «المصاخة»، ودواؤهم ما قاله الشافعي «بتصرف»: يخاطبني السفيه بكل قبح فأكره أن أكون له مجيبا يزيد «مصاخة» وأزيد طيبا كعود زاده الإحراق طيبا والصمت في الغالب دواء ناجع لكل مَن تسول له نفسه الاقتراب من حدود الطيبين أو الذين لا طاقة لهم بالمشاكل والمتمشكلين! لأن المصاخة داء أعيت مَن يداويها. إن الماصخين بجهل من المفترض أن يكونوا قد «ماتوا» الموت المجازي لأننا في عصر ثورة المعرفة والعلوم والتقنية وعالم لا مكان فيه للتفاهات وخلق المشاكل. فالكرة الأرضية تغص بالأحداث الجسام ولا تحتمل هؤلاء الثقلاء ليثقلوا عليها حملها لكنها ابتلت بتوالدهم وتكاثرهم، وبخاصة المستظرفون منهم، الذين اتخذوا من «المصخ» استثماراً ومكسباً وصور «المصخ» كثيرة ولا حصر لها ومنها ما يتركز في برامج «الكاميرا الخفية»، التي شحت فيها الأفكار ولم يبق فيها إلا إيذاء الناس حسيا ومعنويا أما المشاهير الذين يميلون لحياة الدراما والإثارة، فحدث ولا حرج وقد شاهدت «ماصخاً» من فئة (الكابلز) غافل زوجته وألقاها في بركة ماء متضاحكاً أمامها وهي ترفرف كالطير في ذلك الماء البارد موثقاً تفاصيل الحدث قبل أن يقرر إنقاذها! وأخرى حولت ابنتها ذات العام الواحد إلى عروس في حفل ميلاد باذخ استنسخت فيه كل «طقوس حفلات الزواج»، ولم يغب عن هذا الحفل إلا المعرس! أما أولئك الذين «يقتلون القتيل ويمشون في جنازته» فيمكن إدراجهم من هذه الفئة في مستوياتها العليا! وفي المجال الأسري، فقد يتمثل هذه الصفة الزوج أو الزوجة، فيمارس أحدهما «الاستهبال والمصخ» حتى «تنفجر كبد الآخر»، فيموت كمداً على حظه «المقرود» وصور المصاخة متعددة ولا حصر لها، فإن شاهدتم ماصخا في طريقكم فاحثوا على وجهه التراب أو اضربوه بالأحذية والقباب سواء كان شيخاً أو شاباً!