يظل التكريم أقل تقدير يمكن أن نقدمه لفناني ورواد الفن في العالم العربي الذين مارسوا العطاء سنوات طويلة قدموا خلالها إبداعاتهم في مجالات الفن المختلفة. كما أمتعونا واستمتعنا بهم، والآن آن الأوان كي يكرم هؤلاء المبدعون في المهرجانات الدولية، تقديرا لدورهم في إثراء الساحة الغنائية ومنهم الدكتور الموسيقار السعودي «عدنان خوج»، الذي حظي بتكريم خاص في ختام مهرجان الإسكندرية الأخير، فقد التقينا به وكان لنا معه هذا اللقاء حول بدايته في عالم الموسيقى، وكذلك آراؤه في الجيل الحالي وخطته المستقبلية. قدم بطاقتك الفنية ؟ الدكتور «عدنان خوج» .. ملحن سعودي من أبناء المدينةالمنورة، خريج معهد الموسيقى بالقاهرة وحاصل على الدكتوراة من السربون بفرنسا، أول من قدمه للصحافة بعد شهرته في مصر الأستاذ الصحفي «محمد الوعيل» رئيس التحرير الحالي لجريدة «اليوم». ماذا عن بدايتك مع عالم التلحين ؟ بدأت تعلم الموسيقى في المدينةالمنورة على يد أحد العازفين، وعندما قررت تعلم العزف على آلة القانون ذهبت إلى جدة، وهناك عملت بإذاعة جدة، حيث قمت بالعزف مصاحبا الأستاذين محمد عبده وطلال مداح، وعندما جاء الموسيقي أحمد الحفناوي إلى السعودية، بدأت أشارك مع فرقته الموسيقية بالعزف وأرسلت في بعثة تعليمية للقاهرة لدراسة الموسيقى ، وعندما كنت طالبا قام الموسيقار الراحل أحمد الحفناوي بتقديمي لعدد من المطربين، بعدها لحنت لكل من فايزة أحمد أغنيتين «مستحيل» و «السكة حرير» كلمات محمد حلوة. كما لحنت للمطربة عفاف راضي من تأليف مصطفي الضمراني، والمطرب توفيق فريد، وشريفة فاضل أغنية خليجية «معاصي ولا أطيعك»، وعندما اشتهرت في مصر لحنت لكل من ، محمد عبده ، طلال مداح ، علي عبد الكريم ، طلال سلامة ، لذلك مصر لها الفضل علي لأنني اكتسبت الخبرة من الملحنين أمثال بليغ حمدي وكمال الطويل. هل تصح المقارنة بين الأجيال في التأليف الموسيقي؟ أم أن الموسيقى ليس لها زمن ولا عصر ؟ كل زمن وعصر وله أجواؤه وفنه وناسه والقديم لن يعود مرة ثانية، والفن لصالح الجيل الجديد خاصة بعد دخول التكنولوجيا ما ساعد على وصولها للجمهور أسرع وأسهل، والأجيال الجديدة تتأثر كثيرا بما يجري في الخارج ، وإذا أردنا المقارنة بين الماضي والحاضر ، فالذي اختلف هو الدراسة الموسيقية، حيث إن كثرة وسائل الإعلام من تليفزيونات وإذاعات وقنوات فضائية ساهمت في تسويق الناس الذين يريدون تعبئة ألبومات وبيعها ، فأصحاب القنوات الفضائية لا يستطيعون شراء كل البرامج، لذلك يضعون موسيقى، وهذا ما أفسح المجال أمام الكثيرين كي يدخلوا عالم الموسيقى بطريقة عشوائية وبلا دراسة، وهذه الموسيقى تأتي من فراغ وهي لا تعيش ولا تستمر، لكن تسبب فوضى وتفسد الأخلاق والأذن الموسيقية. ما رأيك فيما يقدمه الجيل الجديد في التأليف الموسيقي ؟ والله يشكر عليه ونشجعه ليقدم الأحسن. كما يوجد شباب كثيرون يقدمون ألحانا جيدة، ويمتلكون الموهبة والقدرة على الإبداع. كيف تقيم النقد الموسيقي في عالمنا العربي ؟ يحتاج النقد الموسيقي لدراسة وممارسة ولابد أن يتفاهم الناقد أضلاع الموسيقى وان يعرف كل نغمة وكل تون في الموسيقى، ويجب على الناقد الموسيقي أن يميز بين المؤلف الموسيقي الذي يعاني خلال كتابة الموسيقى والآخر الذي يكتب باستهتار ، وأنا أطالب بأن يكون للنقد الموسيقي مكان في معهد الموسيقى بحلوان في القاهرة ، فعندما يكون هناك متخصصون في النقد الموسيقي ، سوف يعد المؤلفون لحد عشرة قبل الكتابة. ما دور التكنولوجيا الحديثة المستخدمة في الموسيقى .. إيجابي أم سلبي ؟ إيجابي لو استعملت صح، وسلبي إذا تمت إساءة استخدامها ، فهي تخدمني كثيرا لأنها سهلت لي أمورا كثيرة ووفرت علي وقتا كبيرا في عملي، وسلبية لأن هناك من يجهل الموسيقى لدى من يستخدمون التكنولوجيا فيستخدمون أصوات آلات موسيقية كهربائية بشكل خاطئ ، كونهم دخلاء ويتعدون على الموسيقى ويجهلون حتى كتابة النوتة. من يعجبك من الجيل الحالي في التأليف الموسيقي؟ يوجد عدد من الموسيقيين في العالم العربي ومصر وأذكر منهم عمار الشريعي وهاني مهنا وعمر خيرت وغيرهم. ماذا عن مشكلة التوزيع في عصرنا الحالي؟ أصبح زخما وليس توزيعا لأنه بعيد كل البعد عن أسلوبنا في الغناء الشرقي والموسيقى الشرقية، فهناك كذبة كبيرة اسمها التوزيع الموسيقي ، الذي يتحدث عنه أبناء هذا الجيل، فالتوزيع يولد علميا مع المؤلف. أما ما يجري فما هو إلا دقي يا طبلة ودق يا أرغول .. وهذا ليس توزيعا. الشعب العربي يعترف بالكلمة رقم واحد وبالمطرب رقم اثنين ثم الموسيقى رقم ثلاثة .. أليس كذلك ؟ هذا صحيح ، ومازالت الكلمة رقم واحد فهي الأساس لأنها الأرض، ثم اللحن وهو العمارة التي تبنى على هذه الأرض ، لأن الموسيقى تأتي في المرتبة الثالثة بعد المطرب والمؤلف وأحيانا لا يقال اسمه أمام الجمهور. هل من الممكن «لعدنان خوج» أن يعرض أعماله على مطرب أو مطربة ؟ بالطبع لا، فأنا لا أحب أن أعرض نفسي لأنني مش بياع أنا فنان ، وكثير من الفنانين يطلبون مني ألحانا وإذا وجدت أنه يتناسب معه أعطي له اللحن بلا شروط. هل نحن نعيش مرحلة انحدار فني الآن ؟ الوسط الغنائي الآن أصبح ملوثا والوسط الذي كنت أعيشه منذ ثلاثين سنة يختلف تماما ، لذلك فنحن نعيش في عصر انحطاط الموسيقى. كيف تفسر سبب انحسار عدد نجوم الغناء والتلحين في السعودية ؟ أسباب قلة عدد النجوم في السعودية ، يرجع إلى محدودية الإمكانات بالنسبة للفنان، مثلا عدم وجود عدد من المسارح تسمح بالحفلات الدائمة . كما نحتاج إلى خبرات وموسيقيين ، فلا يوجد بالمملكة عازف شيل أو كونترباص، لذا أتمنى من المسئولين وجود معهد موسيقي بالمملكة ، وأيضا إرسال بعثات من المملكة لتعلم الموسيقى في مصر أو الاستعانة بالخبرات الموسيقية من مصر لتعليم الموسيقى لمن يرغب من أبناء السعودية. كيف تفسر ظاهرة اختفاء بعض النجوم عن الساحة الغنائية ؟ بعض المطربين الذين يحترمون أنفسهم وفنهم ولم يجدوا الكلمة الجيدة واللحن المتميز تركوا الساحة. كما أن فناني الغناء الذين يعدون ظاهرة مؤقتة كان لهم الدور الأكبر في عدم ظهور المطرب الجيد على الساحة، فكثير ممن يتخرج في برامج المسابقات الغنائية يروحون الكباريهات ، فأحيانا تكون الشاشة مذبحة الفنان. من هم المطربون الذين ندمت على التعامل معهم؟ ومن الذي تتمنى أن تلحن له؟ لم أندم على تعاوني مع أحد لأنني راض تماما عن مشواري الفني، وأتمنى التعامل مع أي صوت حلو ، وهم كثيرون، وكل صوت يختلف عن الآخر، فأنا أتمنى التلحين للمطرب هاني شاكر لحبي الشديد له، وكذلك محمد الحلو ومدحت صالح. هل تم التعاون مع فنانين أثناء وجودك في مهرجان الإسكندرية الدولي للأغنية؟ إن شاء الله سوف يكون هناك تعاون مع الفنانة لطيفة ومدحت صالح وهاني مهنا كموزع جيد.