رغم طول معاناته وصعوباته وتكالب الأجندة الإيرانية المبغضة للعرب عليه، كنت على يقين بأن العراق العربي سيعود إلى حضن العروبة ويمد يده إلى أشقائه العرب ليصافحهم ويتبادل معهم الود والمصالح. ليس العراق أبدا البلد الذي يتنكر لعروبته أو ينكفئ عليها أو يجيرها لحساب أجندة أجنبية أيا كانت هذه الأجندة، دولية أم إقليمية. قدر العراق العربي أنه يمرض كثيرا لكنه لا يموت. وإذا ما انتفض شعبه، بكل طوائفه، من أجل عروبته فإنه يعود حفيا ومشتاقا إلى أصله وأهله. الآن تنعقد في بغداد قمة رؤساء برلمانات الدول المجاورة له وفيها أربع دول عربية هي السعودية والكويت والأردن وسوريا، بالإضافة إلى تركياوإيران التي هونت من شأن هذه القمة، العربية في أغلبها، ولم ترسل رئيس برلمانها بل أرسلت نائبا مغمورا من البرلمان يمثله. خطاب رئيس البرلمان العراقي في هذه القمة البرلمانية محمد الحلبوسي كان جليا في أن العراقيين في هذه المرحلة يريدون أن يبنوا بلدهم بحق. وهذا البناء يتطلب أن تكون أيديهم ممدودة للجميع، وبالأخص أشقاؤهم العرب. بطبيعة الحال لا يسر إيران ولا الميليشيات العراقية المحسوبة عليها قرب العرب من بغداد ومشاركتهم في التعمير والبناء ومساعدة جارتهم الشقيقة بكل الصور والإمكانات. العراق أيضا، بحكم النفوذ الإيراني المتغلغل في بعض المؤسسات ولدى بعض الميليشيات، يحاول أن يُفهّم الإيرانيين أن الاقتراب من العرب وفتح الأبواب أمامهم ليس ضدهم، وإنما هو حالة عراقية جديدة تريد أن تتسالم وتتعاون مع جميع جيرانها من أجل إعادة بناء العراق وتحقيق مصلحة العراقيين أولا وقبل كل شيء. هذه الحالة، وإن أكد عليها العراقيون في كل المحافل والمناسبات، لن تقبل بها طهران التي ظنت أنها فعلا صادرت القرار العراقي وربطت مصير العراقيين أجمعهم بأجندتها. سيقاوم الإيرانيون والمحسوبون عليهم، ما وسعهم ذلك، هذا التقارب العراقي العربي الكبير والمهم. لكن من ستنتصر إرادته في النهاية هو المواطن العراقي الذي سئم الطائفية المستوردة، وطالت معاناته مع الإرهاب والخراب والفساد ويريد أن يبني بلده ويعيش بأمن وكرامة مثل كل شعوب المنطقة.