لاحظتُ، ولا أملك دلالات أو إحصائيات، أن المسافرين للمتعة أو للعمل بدؤوا في السنين الأخيرة يميلون إلى الحجز في فنادق أقل من أربع نجوم لاعتقادهم بأن الفنادق الفخمة، بالإضافة إلى غلاء أسعار الإقامة فهي أكثر عرضة في السنين الأخيرة للسرقات الكبرى والضرب وحتى الاختطاف، لدرجة أنني قرأتُ عن أشخاص آثروا حمل جوازات السفر العادية على الجوازات الدبلوماسية، وتجنبوا الملابس المثيرة للانتباه وركوب السيارات الفاخرة. فالجريمة المنظمة ترصد ضحاياها من المطار وتُتابع السلوك الشرائي وترصد كل تحرك للضحية السمينة. الفنادق لم تكن معروفة في الشرق عامة وفي البلاد العربية خاصة. وكان الإيواء للمسافر على الراحلة يجري إما يُضيف على ابن بلد أو قريب أو شريك أو يستقر في «خان» إذا لم يكن ذا صلة. وكلمة «خان» تُحيّر قارئها، فهي حسب موسوعة البستاني مفردة تتريّة (من التتر) معناها ملك أو رئيس. ويُعطى لقب خان في بلاد فارس لرُتب مختلفة من العسكر إلى رؤساء القبائل. معنى آخر هو النزل أو كما يُعرف بال«اللوكندة» عند الغربيين. ويُطلق الخان عند الأتراك والعرب على محل واقع على الطرق تبيت فيه القوافل وأبناء السبيل، ينزل فيه المسافر دون دفع أجرة. وقد بني بعضها على نفقة السلاطين. أما مفردة «فندق» فهي يونانية المنشأ. أصلها (بانديكيون) والفنادق اليوم هي عصب نشاط السياحة في أي دولة من دول العالم المتحضر، فلا يمكن تصور قيام نشاط سياحي من دون وجود شبكة قوية من الفنادق والمنتجعات والقرى السياحية والمطاعم.. إلخ. تتدرج الفنادق في درجاتها على حسب توفير درجة الرفاهية ومستوى الخدمات من النزل العادي إلى فنادق الخمس نجوم والسبع نجوم، تشتمل الفنادق على المسابح والنوادي الصحية والملاعب والمطاعم ومراكز التسوق والبازارات ومراكز المؤتمرات ورجال الأعمال ومكاتب تأجير السيارات. لكن دعوني أطرح بعض التشاؤم على حكاية تعدد «النجوم» تلك. فمهمات التفجير والخطف لا يختار فاعلوها إلا «النجوم» الكثيرة. هل سمعتم بعمل مخيف أو فضيحة كبرى إلا في فنادق خمس نجوم؟. شخصيا تتبعتُ الكوارث ابتداء من اختطاف وزراء الأوبك في السبعينيات مرورا بانتحاريين وأعمال إرهابية أخرى تمر عبر فنادق خمس نجوم. أعتقد أن «النجوم» تتناسب تناسبا عكسيا مع الراحة والأمان. وازدهرت في أوربا وإنجلترا بالذات خدمات فندقية معتدلة السعر يسمونها (منامة وفطورا) أو (بيد آند بريكفاست)، يقصدها السياح ورجال الأعمال، الذين لا يريدون أن يتحملوا خدمات لم ينتفعوا بها، كالمسابح وخدمات الغرف والمطاعم والبارات. وهي تلبي حاجات الساكن الأساسية من حيث النظافة، ويقدمون وجبة فطور فقط (بوفيه). ويوفرون تكلفة أيدٍ عاملة لا لزوم لها. ويرتاح الساكن من مستوى السعر وأيضا يأمن محاولة التفجير أو الاختطاف.