ليس عندي أدنى شك أن كلا منا قد مرت عليه فكرة رائعة، بل عدة أفكار خلاقة، ولكننا تكاسلنا عنها أو أهملناها أو انشغلنا عنها بمتاعب ومشاغل الحياة الكثيرة، وهذا هو الفرق بيننا وبين المبتكرين والمخترعين، الذين هم يركزون على نقطة واحدة معظم حياتهم. وسبب الحديث عن موضوع الابتكار أن يوم 21 أبريل من هذا الشهر يوافق «اليوم العالمي للإبداع والابتكار». وقالت هيئة الأمم عن هذا اليوم: هو لزيادة الوعي بدور الإبداع والابتكار في حل المشاكل ومن ثم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية والتنمية المستدامة. وأضافت أيضا: غدت هذه المناسبة أسبوعا عالميا يُحتفل بها من 12 إلى 21 أبريل لإتاحة الوقت أمام الناس لاستكشاف تنوع الآراء معا. فهل تعلمون ماذا كان يفكر فيه نيوتن ليلا ونهار؟ قوانين الفيزياء. وهل تعلمون ماذا كان يفكر فيه البخاري ومسلم طوال الوقت؟ تأليف كتاب صحيح للحديث. وهل تعلمون ماذا كان يفكر فيه أديسون صباح مساء في معمله؟ كان يفكر في المصباح. وهل تعلمون ماذا كان يفكر فيه آينشتاين أول ما يستيقظ من النوم؟! إنها النظرية النسبية. وهل تعلمون ماذا يشغل فكري معظم الأوقات؟ هو ماذا أكتب لكم من خلال هذه المقالات الأسبوعية؟!. وهكذا دواليك، سنظل كلنا نفكر في مسائل مختلفة، ولكن حين نركز في فكرة أو قضية واحدة فقط (حتى لا يتشتت الجهد) سنقدم الأفضل ونبدع ونبتكر. الأمر الآخر هل يلزم الذكاء العالي المتفوق في المدرسة للإبداع؟ لا يشترط ذلك ولكنه جزء له تأثيره. ولو لم تخرج من هذا المقال إلا بمعلومة واحدة وهي إن لم تكن متفوقا في الدراسة فلا يعني أبدا أنك لن تبدع أو تبتكر في الحياة. ويقول آينشتاين (كان بليدا في فترة من حياته الدراسية): إن الخيال أهم من المعرفة. ولست أثبطكم عن التعليم والتفوق والحرص عليه، ولكن المقصد هو أن لا تفقد الأمل حتى ولو قال لك كل المدرسين والمدير معهم: لن تفلح أبدا!. ويمكن بكل بساطة أن تثبت العكس لهم، وهو حافز ودافع أن تفتخر بنفسك، وأن تتغلب على من يعتقدون أنهم أذكى منك!. وقد قال العبقري ستيفن هوكنج: إن الأشخاص الذين يختالون بمعدل ذكائهم هم الفاشلون!. ويؤكد على ذلك أيضا تومس أديسون حيث قال: العبقرية هي 1% موهبة، و99% عمل وجهد مبذول. وبالحديث عن العمل والجهد، فمع ذكاء نيوتن وعبقريته، فقد قال عن الصبر: إذا كنت قد اكتشفت أية اكتشافات ذات قيمة، فلقد حدث ذلك جراء الانتباه الصبور أكثر من أية مهارة أخرى. وأضف إلى ذلك أن الابتكارات تحتاج أن نفكر بطريقة مختلفة وبعدد محاولات متنوعة. وقد قال آينشتاين: لا يمكن أن تقوم بنفس العمل وبنفس الطريقة وتتوقع نتائج مختلفة!. بمعنى واصل طريقة التفكير المختلفة في كل مرة تفشل فيها المحاولة. وكل ما تحدثنا عنه سابقا لا بد فيه من وقود فعال، وهو الشغف فيما تعمل من أجل أن يبقى محرك عقلك يعمل ولا يتوقف بعد عدة محاولات فاشلة، أو عند سماع بعض النقد السلبي أو من حركات الهمز واللمز التي قد تسمعها ممن حولك. والشغف كفيل بأن يعطيك القوة والمناعة ضد المثبطين قولا أو فعلا. ولعلك لا تنسى جانب التوفيق من الله سبحانه وتعالى، فذلك عامل قوي جدا وهو أقوى من الطاقة التي يزعم الفيزيائيون أنها لا تفنى ولا تستحدث من العدم. وأخيرا، ردد مع نفسك لتقويها حين تضعف أو تتردد بأن تقول لها دائما: اليوم عمل وغدا أمل!.