ما زلت، رغم أنني غردت عن ذلك، مأخوذا ومذهولا من الرقم الذي أعلنه رئيس هيئة المرئي والمسموع، بدر الزهراني، من أنه من المتوقع في عام 2020 أن يكون لدينا 80 دارا و700 شاشة سينما حول المملكة. الرقم كبير و2020 عند الأبواب، فكيف جاء بهذا الرقم؟ وأين بوادر هذه الدور أو هذه الشاشات؟! المنطقة الشرقية على سبيل المثال، وحسب علمي غير القاصر في هذا الموضوع، لا يوجد بها إلى الآن، ونحن نقترب من منتصف 2019، دار سينما واحدة. وهناك دار في أحد (المولات) الشهيرة ما زالت تحت الإنشاء وتعدنا في إعلاناتها منذ فترة بقرب الفرج والمتعة. مرت الأعياد والمواسم والمناسبات وكل ما هنالك جعجة بلا طحين. وبالتالي من حقنا أن نطالب كل المسؤولين، وليس فقط رئيس هيئة المرئي والمسموع، بأن (يخفوا علينا) في الأرقام التي يوطوحون بها كل صباح ومساء، سواء أكانت هذه الأرقام متعلقة بمشاريع منتظرة، أم مساكن مر عليه الحول والحولان، أو أرقام توظيف تعلن بمئات الآلاف ثم لا يحصد منها الناس إلا الهواء. لن يقدم أو يؤخر في وضعك، كوزير أو مسؤول قيادي في أي مكان، أن تكون أرقامك كبيرة إذا لم تكن حقيقية وواقعية وملموسة في الوقت الذي وعدت به. إذا حل غدا عام 2020 وانتهى وليس في المملكة أكثر من 20 أو 30 دار سينما ما فائدة الأرقام التي قدمها رئيس الهيئة؟ وما الداعي أصلا للمبالغة بها؟! أن تقول لي إنك ستبني 20 دار سينما في سنة وتبنيها خير من أن تقول لي إنك ستبني 200 ثم لا نخرج، في نهاية المطاف، إلا بخفي حنين أو أعلى بقليل. تطلعاتنا لا حدود لها وثقتنا بمستقبل مشروعاتنا ورؤيتنا كبيرة جدا، لكن، وهذا هو بيت القصيد، كونوا واقعيين إذا تحدثتم أو وقفتم على منصات الإعلام، لا تطلقوا مبادرات قبل أن تتأكدوا من إمكانية تنفيذها، ولا تلقوا بالأرقام قبل أن تدرسوا جيدا إمكانية تحقيقها. هذا أفضل للجميع، المسؤول والمواطن.