نعيش في عصر تتسارع فيه التحولات والمستجدات التي تتطلب منا مجاراتها والتأقلم معها بشكل سريع، بل محاولة تطوير قدراتنا لنتمكن من العيش بقوة في هذا الزمن الذي لا يعرف سوى الأفضل من الناحية التقنية والعلمية، وللحق فإن الكثير من الدول التي حققت نجاحات مهمة على مستوى الإبداع والابتكار والتصنيع انطلقت من تطوير التعليم العام والجامعي لأنهما الأساس، ومن ثم تمكنت من تطوير قدراتها التصنيعية والتقنية لتنافس الدول المتقدمة والتفوق عليها في هذا المجال، ولسنا بحاجة أن نذكر أن اليابان والصين وكوريا قبل ستين عاما لم تكن تمتلك أي حضور تقني أو فني أو علمي، ولكن بعد متابعة التطورات والتغييرات التي طرأت ومحاولة مجاراتها والاستفادة منها وكذلك افتتاح الابتعاث على مصراعيه لكي ينهل الطلبة والطالبات من التطورات الحديثة التي تتمتع بها الجامعات الغربية، استطاعت تلك الدول أن تبني لنفسها مجدا علميا من خلال التركيز على القاعدة أولا وهي مواكبة الجامعات للتغيير الحاصل في المجتمع والتأكيد على الاستفادة من تلك التطورات والتأقلم معها قدر المستطاع. لذلك يأتي تنظيم وزارة التعليم ممثلة في التعاون الدولي للمعرض والمؤتمر الدولي للتعليم العالي في دورته الثامنة برعاية كريمة من لدن خادم الحرمين الشريفين تحت عنوان (الجامعات السعودية في عصر التغيير) خلال الأيام الماضية، ليؤكد اهتمام وزارة التعليم بمواكبة التغيرات الحاصلة في قطاع الجامعات على المستوى العالمي وضرورة مجاراتها لتبقى جامعاتنا منارات إشعاع علمي ومعرفي تنثر دررها على طلبتنا وطالباتنا مما يعود بالنفع على البلد بشكل عام بإذن الله. من المعروف أن الجامعة تتأثر بالتقدم السريع في عالم التكنولوجيا والتحديات والضغوطات الجديدة على التعليم العالي، وبحكم أننا نعيش في عالم يحكمه مبدأ التغير ويتميز بالسرعة، والجامعة ككيان تعيش في نفس الظروف وتتعرض لنفس التحديات المتلاحقة في عالم يتسم بسرعة الإيقاع وبالتالي فإنها تتأثر بالتغيرات والأحداث الاجتماعية والاقتصادية وتتأثر بالاتجاهات الجديدة في العصر الرقمي، لذلك لابد من التحديث والتجديد في هذه المؤسسات العلمية لتصبح قاعدة انطلاق مهمة لبلدنا نحو العالمية. يمثل هذا الحدث حراكًا علميًا معرفيًا عالميًا، وقوة ناعمة لبلادنا العزيزة. ويعد واحدًا من أهم المعارض والمؤتمرات العالمية. حيث شارك فيه 25 متحدثًا وصانع قرار في خمس جلسات ثريّة، تتحدث عن المتغيرات المستقبلية للجامعات. وأكثر من 64 استاذًا دوليًا جامعيًا من 33 دولة، كما تمت إقامة 69 ورشة عمل تحاكي رؤية المملكة 2030، بالإضافة إلى عرض 360 جامعة عالمية ومحلية أبرز إنجازاتها في مجال التعليم العالي. الأهم في الموضوع ما تمت مناقشته خلال الورش والندوات والذي ركز على مخرجات الجامعة وسوق العمل وهو موضوع حساس جدا، فالدراسة التي لا تؤدي في النهاية إلى وظيفة أو مهنة يسترزق منها الفرد لا فائدة منها، فالمحصلة النهائية للدراسة هي تأمين لقمة العيش، ولذلك من الأهمية ربط الدراسة بحاجة ومتطلبات سوق العمل، نحن لا نريد دراسة تزيد من طابور البطالة، أيضا تمت مناقشة موضوع تشجيع الإبداع والابتكار، فالجامعة تنطلق من أبوابها جميع الابتكارات العلمية والمعرفية التي تساهم في تطوير الصناعة في أي بلد وجميع الدول التي حققت نهضة صناعية كبيرة بدأت من الجامعة. أتمنى أن يتم التعامل بشكل جدي مع توصيات المؤتمر وألا يطويها النسيان.