يتراقصون على رصيف الوجع، ويتاجرون بالمبادئ، ويتظاهرون بالقوة، وهم أشبه بحكاية البؤساء، الذين لا يجدون في يومهم قوت فرح لساعة واحدة. يمشي بعضهم كالطاووس، ويعيش أحلام اليقظة، ويتذاكى، والغباء يلفه من رأسه حتى أخمص قدميه، ويطير في «العجة» بأنه الفاهم وسط البسطاء، والحقيقة التي يعرفها الجميع أنه «كومبارس» على خشبة مسرح، لا يتعدى دوره سوى ورقة يلعب بها الآخرون، وتنتهي بالحرق في أحسن الأحوال. يسكبون الدمع الغزير داخل ذواتهم، ويتقمصون الضحك، ويقودهم الفشل تلو الآخر لاستحضار خصم وهمي، والحقيقة أنهم جاءوا في المكان غير المناسب لهم. وفي بعض الأحيان يسيرون في «الزفة» يعتقدون أنهم قادتها، وهم قطعة شطرنج يحركها الآخرون كيفماء شاءوا، والأدهى أنهم يعيشون الدور بكل تفاصيله في مشهدنا اليومي. وفي الساحة أيضا.. لاعبون ومهرجون، يختبئ الصنف الأول، ويرمي بالصنف الثاني للواجهة، والجمهور على خشبة المسرح، ما زال يشتم الظاهر ويمتدح الظاهر، وأصل البلاء أولئك المحبون الذين لا يعرفون إدارة اللعبة. كثيرة هي المهام التي يحملونها، ولكنها «كما وليس كيفا»، وعادة ما تكون في لغة الأرقام «صفرا على الشمال»، ومع ذلك يتفاخرون بها في سوق الحراج التسويقي، والمحصلة «فالصو». المضحك المبكي في المشهد أولئك الذين لا يمشون على الأرض وأنوفهم في السماء، في علاقة طردية ما بين الخيال والواقع، فهم أقرب للسماء في تصور أنفسهم، وإلى الأرض بل القاع في نظر الآخرين. غرورهم عظمة في أعينهم، وفي أعين الآخرين شفقة، ويكفيهم النظرة الأخيرة، ليتوسدوا الصفوف الخلفية، فهي المكان المناسب لهم في قناعة الجمهور، وفي بعض الأحيان قناعتهم رغم «المكابرة». في كل الساحات بعض أفلام الكرتون توازي الدراما والتراجيديا، فهي كوكتيل من اختلاط الحابل بالنابل، وبصراحة في بعض الأحيان «تضرب» تحت مقولة «رمية من غير رامٍ». لا نعرف كيف قادنا الزمن للسباحة في بحيرة اللا مبالاة، فلم تعد المبادئ هدفا، ولا الأخلاق عنوانا إلا من رحم ربي. الغريب أننا نمارس خداع النفس، ونستهوي لعبة «القط والفار» في مشاهد كثيرة، نكون مقتنعين بالخطأ، ونجمله في إطار المصلحة، تحت شعارات واهية. ولكن كل ما تقدم أهون بكثير، ممن يتقدم الصفوف، وهو يسير على برمجة غيره، حاله يشبه إلى حد كبير «الرجل الآلي» بالريموت كنترول يمين يسار، والخافي أعظم..!!