أكد رئيس الاتحاد العربي لحقوق الإنسان، عيسى العربي، أن قيادة وشعب مملكة البحرين قضيا على جميع التيارات الإرهابية والتخريبية المدعومة من نظام إيران، لافتا إلى وجود هيئات وطنية وإقليمية تخدم دولا معادية وداعمة للإرهاب، مشددا على أنها تتواجد في جميع الدول العربية، ولا تمتلك صبغة رسمية في أداء وممارسة عملها على الصعيد الوطني. وأشار العربي في حواره مع «اليوم»، إلى أن التدخلات الإيرانية في البحرين هدفت إلى تقويض الوحدة الوطنية وتهديد السلم الأهلي، وسعت للانقلاب على النظام الشرعي بالمنامة، وقال: هذا استرعى ردا مباشرا من الشعب مؤكداً بيعته لعاهل البلاد والتفافه حول شرعية الحكم بالبحرين، ووقوفه في وجه القوى الانقلابية، وهي الوقفة التي حفظت للبحرين أمنها واستقرارها.. فإلى متن الحوار. ֺ مملكة البحرين تعرضت لتدخلات إيرانية واسعة عبر استخدام جماعات إرهابية لزعزعة استقرارها، وسخرت إيران في الوقت ذاته عددا من المنظمات الإقليمية والدولية لتسييس قضايا حقوق الإنسان، كيف تقيمون تجربة المنامة في إدارتها الأزمة السياسية والحقوقية التي واجهتها؟ - لا شك أن ما تعرضت له البحرين من تدخلات إيرانية هدفت إلى تقويض الوحدة الوطنية وتهديد السلم الداخلي، ودعمها جماعات إرهابية وتخريبية عملت على خدمة أجنداتها المتمثلة في السعي للانقلاب على النظام الشرعي، وهو ما استرعى ردا مباشرا من الشعب لتأكيد التفافه حول نظام الحكم ووقوفه في وجه القوى الانقلابية مؤكدا بيعته لعاهل البلاد وشرعية حكم آل خليفة، وهي الوقفة التي حفظت للبلاد أمنها واستقرارها، وأبطلت جميع الدعاوى والمؤامرات التي استهدفتها، رغم توافر الدعم الدولي الواسع وتناغم هذا الحراك مع ما يسمى الربيع العربي في ذلك الوقت. ولعلنا هنا بحاجة إلى تأكيد الإشادة بقيادة الملك حمد بن عيسى بن سلمان آل خليفة ملف الأزمة بالبحرين، ومبادرته الشجاعة بتشكيل اللجنة البحرينية المستقلة للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان، والتزامه بقبول وتنفيذ نتائجها ومخرجاتها، حيث قدم الملك حمد نموذجا في التعاطي مع الأزمات السياسية والحقوقية التي تمر بها الدول، وأكد من خلال إدارته الأزمة حرصه التام على تجاوزها وتفويت الفرصة على الأعداء والمتربصين، وعمل على تحقيق الموءامة بين تعزيز السلم الأهلي والوفاء بالالتزامات الدولية المعنية بحقوق الإنسان، وفي الحقيقة فإن هذه التجربة تمثل أنموذجا دوليا في إدارة الأزمات بالدول، فقد أجرت الدولة مراجعات شاملة لمنظومتها الحقوقية تمثلت في استصدار العديد من التشريعات المعنية بحقوق الإنسان، وأتبع ذلك بمزيد من الضمانات لتحصينها بإنشاء مؤسسات متخصصة معنية بتعزيز التزام دولة المؤسسات والقانون، بما يضمن استقلال القضاء وسيادة القانون، لتصبح المنظومة الحقوقية أكثر تطورا وارتقاء، وانتهت بتقديم البحرين استعراضها الدوري الشامل الثالث وانتخابها لعضوية مجلس حقوق الإنسان بالأممالمتحدة، بما يؤكد احترام وتقدير المجتمع الدولي لسجل البحرين الحقوقي. الداخلية البحرينية تضبط مواد متفجرة بحوزة إرهابيين تدعمهم إيران هناك منظمات تدعي الدفاع عن حقوق الإنسان إلا أنها تمول من أنظمة معينة وترتبط أنشطتها بخدمة أهداف وغايات تلك الدول وتعمل على تنفيذ أجنداتها، برأيكم كيف يمكن التعاطي مع هذه المنظمات؟ - بداية ينبغي أن نوضح اللبس الذي يقع فيه الكثيرون، وذلك بالتمييز بين الهيئات الأممية والمنظمات الدولية، ففيما يتعلق بالهيئات الأممية فإنها تعتبر جزءا من المنظومة الأممية التي لها القبول والثقة دوليا، وتجد تقاريرها في الغالب الاحترام والتقدير وتتصف بالحيادية والنزاهة، وهو ما يتطلب من الدول أولا التواصل التام والفاعل مع الهيئات الأممية المعنية بحقوق الإنسان وفقا للآليات المتاحة وبحسب ما هو متاح أمامها من وسائل تتيح لها التدقيق على أعمال وتقارير تلك الهيئات ومراجعتها وتصويبها وفق ضوابط محددة، كما أن على المجتمع المدني أيضا أن يفعل دوره في التواصل الفاعل مع هذه الهيئات الأممية وفق ما هو متاح أمامه. وفي المقابل تفعل المنظمات الوطنية والإقليمية والدولية «NGO» دورها في الدفاع عن حقوق الإنسان وتعزيز الحريات الأساسية، وتمثل تقاريرها رؤية أحادية تعبر عن تقييمها لتعاطي الدول مع القضايا، وليس بالضرورة أن تعتبر تقاريرها صحيحة أو تلقى القبول والاستحسان، مع ضرورة التوضيح، بوجود عدد منها ذي مصداقية، وبالتالي وجود أخرى لا مصداقية لها؛ كونها خاضعة لإرادة وتمويل بعض الدول ويطلق عليها مصطلح منظمات الغونغو «GO-NGO» في إشارة إلى عدم نزاهتها ومصداقيتها وارتباطها بالحكومات، وهي عديدة وتنتشر بشكل واسع في عالمنا الحالي، وتجب الإشارة هنا إلى أن إيران تحديدا تمتلك سجلا بالغ السوء في تأسيس وتمويل وتوجيه هذه المنظمات لخدمة أهدافها وأجنداتها، كما أن جماعة «الإخوان المسلمين» قد درجوا على انتهاج هذا السبيل في العمل الحقوقي بتحالف وتناغم مع طهران وحلفائها، وتنشط مثل هذه المنظمات في المحافل الدولية؛ بهدف الإساءة لبعض الدول أو تشويه سجلها الحقوقي، كما تسخر جميع وسائل الإعلام لخلق رأي عام مناهض مستغلة ملفات وقضايا حقوقية بعد أن يتم تحويرها وتشويه حقيقتها بما يخدم تلك الدول وتنظيماتها المعادية، كما أنه وفي بعض الحالات تنفذ بعض المنظمات الوطنية والإقليمية أجندات معادية وتسخر أنشطتها ومبادراتها لخدمة دول وتنظيمات معادية أو داعمة للإرهاب، ولها وجود في جميع الدول العربية دون تحديد، وفي الغالب لا تخضع مثل تلك المنظمات للإجراءات الرسمية في تسجيلها وترخيصها بالدولة، ما يفقدها في الإساس الشرعية في أداء عملها وممارسة أنشطتها ومبادراتها على الصعيد الوطني. وفي هذا المجال ينبغي أن نشير لتقصير غالبية الدول العربية في دعم وتشجيع ومشاركة المنظمات الوطنية المعنية بحقوق الإنسان، على النحو الذي يعزز من حضورها ومشاركتها الإقليمية والدولية في إدارة ومعالجة حالة حقوق الإنسان بالدولة، وهي مسألة تتطلب إجراء مراجعة شاملة للتعاطي مع المنظمات الوطنية تحديدا والإقليمية والدولية أيضا، بما يتيح آلية عمل للشراكة معها وفقا لوسائل تمكن الدولة من إدارة ملفها الحقوقي بتشاركية وتكامل مع مختلف الأطراف الفاعلة في عالم حقوق الإنسان، وهي القضية التي سوف تسهم وبشكل إيجابي في معالجة العديد من الحالات والقضايا المتعلقة بالملفات المعنية بالدولة، والاتحاد العربي لحقوق الإنسان يكرس جهوده لخدمة هذه القضايا ويأمل في مشاركة الدول العربية له في هذا المجال. ֺ برأيكم هل تؤدي المنظمات الحقوقية الوطنية عملها بشكل حيادي في المنطقة العربية؟ - ينبغي التمييز كما أشرنا إلى طبيعة المنظمات الوطنية، من حيث الاستقلالية والنزاهة وخدمة أهداف الدولة، ومن المؤسف جدا أن نعترف بحقيقة تراجع مستوى وأثر المنظمات الحقوقية الوطنية بالدول العربية، على عكس نظيراتها المدعومة من قبل الدول والتنظيمات المعادية. ويعود هذا التراجع في عمل وفاعلية المنظمات الوطنية إلى انعدام الدعم غير الموجه اللازم لها من قبل الحكومات من جهة ومؤسسات المجتمع الأخرى من جهة ثانية، ما يتسبب في إعاقة استقطاب المنظمات للخبرات الحقوقية الدولية أو إجراء برامج التدريب الهادفة لحماية وتعزيز حقوق الإنسان وبناء القدرات الوطنية، وتعذر مشاركاتها الإقليمية والدولية التي تسهم في توظيف فاعليتها وتعظيم دورها في الدفاع عن الدولة والارتباط بالخبرات الدولية داخل المنظمات، كما أن ابتعاد المختصين من داخل الدولة عن الاهتمام بمجالات حقوق الإنسان وعدم الانخراط في الأعمال والأنشطة والمبادرات المتعلقة عنصر رئيس في تراجع عمل المنظمات الوطنية أمام الأخرى المعادية والمسيسة، ونشير في هذا الصدد إلى ضرورة قيام الدولة بما هو لازم وضروري لتصويب ظروف هذه المعادلة ودعم وتحسين حالة المنظمات الوطنية بما يعزز من حضورها ودورها وأثرها وفاعليتها على مختلف الأصعدة وبجميع المحافل الدولية. المنامة تحتضن المؤتمر العام الثاني لحقوق الإنسان بدول الخليج ֺ كيف تقيمون واقع حقوق الإنسان العربي عموما مقارنة بالمجتمعات الأخرى وخاصة في الغرب؟ - تتفاوت حالة حقوق الإنسان بالدول العربية حسب التزاماتها الدولية ومستويات سياساتها وممارساتها المبنية على منظومتها التشريعية الوطنية، وهو ما ينعكس على واقع ما تتمتع به مجتمعاتنا من منظومة متكاملة لحقوق الإنسان، وما تنعم به من حقوق وحريات توضح حجم التفاوت الذي تعيشه الدول العربية فيما بينها أو مقارنة بما تعيشه واقعا نظيرتها الغربية، إلا أنه يجب أن لا نغفل في هذا المجال عن اختلاف منظومة القيم والمبادئ التي تستمد المجتمعات العربية والإسلامية تشريعاتها منها وعلى رأسها الشريعة الإسلامية والقيم والمبادئ العربية الأصلية، حيث ينعم العديد من مجتمعاتنا بتشريعات وممارسات متقدمة في مجال حقوق الإنسان لاسيما ما يتعلق منها بالديمقراطية وإقامة دولة المؤسسات والقانون، وما تنعم به من احترام والتزام جميع دولنا بحقوق الإنسان والحريات الأساسية، ولا بد أن أشير إلى المستويات المتقدمة جدا التي تنعم بها المجتمعات الخليجية في مجال الحقوق المدنية والاقتصادية، والاجتماعية، والثقافية والسياسية أيضا، وتعتبر الأكثر تقدما عن مثيلاتها في الدول الغربية والأوروبية أيضا، كما أن مجتمعاتنا العربية ترفض العديد من الحقوق التي يتم العمل على تأصيلها بالمجتمعات الغربية، والتي تمثل شذوذا وخروجا على الشريعة الإسلامية والفطرة السوية، كحقوق المثلية الجنسية وغيرها من التشريعات التي تتعارض مع الشريعة السمحة. ֺ في ظل السيطرة الواسعة للمنظمات الدولية على عالم حقوق الإنسان، كيف للحكومات والمجتمعات العربية أن تتجاوز الأوضاع الحالية رغم أنها ليست على حال واحد؟ - يجب على الحكومات العربية في هذا الصدد أن تعمل على خلق الشراكات التكاملية مع مؤسسات المجتمع المدني لاسيما تلك المعنية بحقوق الإنسان، حيث إن دورها المحوري وارتباطها المباشر بآليات الأممالمتحدة المعنية، يمثل عنصرا بالغ الأهمية في إبراز واقع وحالة حقوق الإنسان بالدول العربية، وتأسيسا لآلية عمل سليمة وفاعلة في التصدي لجميع الحملات المعادية التي تستهدف دولنا وتعمل على تقويض أمنها واستقرارها وهدم وحدتها الوطنية، وهي في الحقيقة قضية تحتاج إلى إعادة نظر من دولنا، فتعاطيها السلبي أو مقاطعتها لمؤسسات المجتمع المدني المعنية بحقوق الإنسان لهما أثر سلبي واسع فيما يعانيه العرب على الصعيد الدولي في هذا المجال. ֺ يدور نقاش داخل مجلس حقوق الإنسان بشأن البند السابع المتعلق بحالة حقوق الإنسان بفلسطين، وقد بررت أمريكا انسحابها من مجلس حقوق الإنسان بسبب وجود هذا البند، كما أن إسرائيل مستمرة في انتهاكاتها بالأراضي المحتلة، ما أجندتكم في الاتحاد العربي لحقوق الإنسان بهذا الصدد؟ - بحسب أجندة المجلس فإن البند السابع المتعلق بحالة حقوق الإنسان بالأراضي المحتلة، أصبح مخصصا لمناقشة حال حقوق الإنسان هناك بحكم أنها الأرض المحتلة الوحيدة بالعالم، وهو ما أثار غضب إسرائيل وحلفائها، وقد جرت العديد من المحاولات الهادفة إلى استبعاد هذا البند أو تغييره أو إعادة توجيهه، إلا أن جميعها باءت بالفشل، وانتهت مؤخرا بانسحاب أمريكا من مجلس حقوق الإنسان لممارسة الضغوط عليه من أجل إلغائه، وقد فشل هذا الحراك مؤخرا باعتماد هذا البند مجددا بأجندة المجلس، واتخذ عدة قرارات في دورته الأخيرة تحت هذا البند تتعلق بحماية وتعزيز حالة حقوق الإنسان بفلسطين. وبحسب تقييمنا فإن الكثير لم ينجز من قبل الهيئات الأممية لحماية الفلسطينيين، ووقف جميع أشكال الانتهاكات والجرائم ضد الإنسانية التي ترتكبها الحكومة الإسرائيلية بحقهم، التي وصلت إلى حد القتل خارج إطار القانون، ولعل هذا التقصير يأتي في إطار العجز الذي يبدو واضحا من قبل أجهزة الأممالمتحدة ومجلس الأمن في ظل الدعم اللا محدود الذي تحظى به إسرائيل من قبل أمريكا والدول الكبرى، إلا أنه على صعيد المنظمات الدولية غير الحكومية فإنها مستمرة في التصدي لانتهاكات الحكومة الإسرائيلية والجرائم ضد الإنسانية بفلسطين، وتعمل على فضحها وتجريمها ومطالبة المجتمع الدولي بحماية المدنيين ومساءلة ومحاسبة المسؤولين عنها، ونعمل نحن في الاتحاد العربي لحقوق الإنسان مع المنظمات الفلسطينية والإقليمية والدولية لتفعيل هذه القضية في جميع المحافل، وقدم الاتحاد العربي لحقوق الإنسان مبادرة قبل 3 سنوات تدعو لضرورة إدراج حالة حقوق الإنسان بفلسطين في جميع برامج ومبادرات وفعاليات المنظمات الحقوقية العربية والإقليمية، بما يضع الانتهاكات التي يتعرض لها المدنيون هناك على رأس أوليات عملنا الحقوقي العربي والدولي، ويجعل منها قضية حاضرة في جميع المحافل الدولية.