الأصل في إثبات الحقوق الشهادة، وهي شهادة رجلين أو رجل وامرأتين لقوله تعالى: «وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ» [البقرة: 282]. ولكن يبقى السؤال: ماذا لو عجز المدعي عن تقديم شاهدين، فهل تثبت الحقوق بشهادة الشاهد الواحد ويمين المدعي؟ يجوز للقاضي في حال وجود شاهد واحد لإثبات الحق أن يُحلف المدعي يمينًا على صدق دعواه.. وقد ذهَب جمهور العلماء إلى أنه يقضى باليمين مع الشاهد الواحد في الأموال وما يؤول إليها دون غيرها؛ لحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- في صحيح مسلم أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قضى باليمين مع الشاهد، وبالتالي فإن كان للمدعي شاهد واحد عدل في دعوى مالية فيمكنه رفع دعوى وإثبات حقة بشهادة الشاهد ويمين المدعي. واليمين إنما تشرع في حق من قوي جانبه في الدعوى، والأصل أن اليمين تكون من المدعى عليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (البينة على المدعي واليمين على من أنكر)، وتسمى يمين المدعى عليه باليمين القاطعة (اليمين الأصلية)، وتسمى أيضًا باليمين الدافعة، لأنها تدفع دعوى المدعي وتعرف بأنها: توكيد ثبوت الحق أو نفيه، بالحلف بالله أو الاستشهاد به أمام القضاء وبطلب من القاضي، ولم ينص نظام المرافعات الشرعية ولائحته التنفيذية على صيغة معينة لليمين، وإنما نص في المادة 111/4 على أنه إذا أعدت الدائرة صيغة اليمين اللازمة عرضتها على الخصم وخوفته من عاقبة الحلف الكاذب، وفي حالة وجود شاهد واحد تطلب اليمين من المدعي -وهو خلاف الأصل- وهي اليمين المكملة للنصاب يحلفها المدعي مع شاهده ليحكم له بمقتضى ذلك، فتشرع اليمين في حقة تأكيدًا لرجحان حقه في الدعوى ونفيًا للتهمة، وهذا يكفي في إثبات الحق واليمين المقصودة هي يمين الاستظهار وتسمى أيضًا يمين الاستيثاق وتعرف بأنها: اليمين التي يحلفها المدعي بطلب القاضي لدفع التهمة عنه بعد تقديم الأدلة المطلوبة في الدعوى. فهي تكمل الأدلة كالشهادة، ويتثبت بها القاضي، وللقاضي أن يوجه يمين الاستظهار لأي من الخصمين عند عدم كفاية ما قدمه الخصم من دليل ليتممه باليمين، فيكون في توجيهها تقوية وتوكيد للحق، وقد أشارت اللائحة التنفيذية من نظام المرافعات الشرعية لهذا النوع من اليمين، فنصت المادة 111/5 أن للقاضي أن يوجه يمين الاستظهار وما في حكمها لأحد الخصمين، فقوله (وما في حكمها) فيه إشارة إلى اليمين المتممة. والقضاء بالشاهد واليمين فيه مصلحة عامة للمحافظة على الحقوق حين لا يجد المدعي إلا شاهدًا واحدًا فيكلف باليمين لتفصح عن صدق دعواه.