تقليعات بعض البشر في الشرق والغرب غريبة أحيانا وقد تكون مستهجنة أحيانا وقد تكون مجنونة أحيانا، وأمثلة تلك التقليعات لا تعد ولا تحصى، وقد تعجز مساحة هذه العجالة عن تعدادها لكثرتها، وسوف أعالج واحدة منها، وقبل ذلك فإنني أستغرب أشد الاستغراب لتلك الجمعيات الخاصة بالرفق بالحيوان لاسيما القطط والكلاب والفئران، حيث تصرف على العناية بها من قبل أثرياء العالم وربما غير الأثرياء ملايين الدولارات، حيث تقوم تلك الجمعيات بتوظيف الكوادر البشرية من الأطباء والممرضات وفي تخصصات أخرى لعلاج الكلاب والقطط والفئران والاهتمام بنظافتها وتقليم أظافرها والمحافظة على درجات حرارتها. يحدث هذا في وقت يسقط فيه الآلاف من البشر في كثير من أصقاع العالم بفعل الحروب والمجاعات والكوارث الطبيعية المختلفة فلا يتحرك أولئك الأثرياء أو غير الأثرياء لنجدتهم والتخفيف من آلام من ينجو منهم من تلك المصائب، فلا توجد جمعيات في كثير من أصقاع الأرض للرفق بالإنسان مماثلة لتلك الجمعيات المنتشرة في أقطار عديدة من المعمورة للرفق بالحيوانات سواء أكانت أليفة كالكلاب والقطط والقرود والأرانب أو متوحشة كالأسود والنمور والفهود والثعالب والعقارب والثعابين. ويحق لي الاستغراب من هذه التوجهات الغريبة والأشد غرابة أحيانا، كأولئك الأثرياء الذين يكتبون وصياتهم لجمعيات الرفق بالحيوان، وتلك وصيات تقدر بملايين الدولارات في وقت لا تجد عوائل البشر ممن فقدوا من يعولهم في الحروب والكوارث ونحوها من مصائب هذه الدنيا الفانية من يخفف عنهم آلامهم ويمسح دموعهم ويرأف لأحوالهم المزرية والمتردية بفعل ما يعانونه من ضوائق ناتجة عن فقد ذويهم وأقاربهم. ومن الأخبار المستهجنة ما يتعلق ببيع ملبوسات المشاهير بعد وفاتهم داخل مزادات علنية بمبالغ فلكية وغير معقولة، فهذا حذاء كانت تستخدمه ممثلة شهيرة بلغ ثمنه مليون دولار، وفستان لمطربة كانت ترتديه في حفلاتها الغنائية بلغ ثمنه عشرة ملايين من الدولارات، وهذه قبعة كان يحلو لأحد الممثلين الظهور بها في أفلامه بلغ ثمنها ستة ملايين من الدولارات، وقس على هذه الأمثلة من التقليعات مئات الأمثلة الأخرى. أعود إلى ما بدأت فأذكر ما أردت طرحه هنا من تقليعة عجيبة تضاف إلى سلسلة من التقليعات المجنونة والغريبة، فها هو مؤسس شركة «فيس بوك» العالمية يهنئ كلبه «بيست» بيوم ميلاده الثامن، وقد أقام احتفالا ضخما بهذه المناسبة العزيزة على قلبه حضرها لفيف من كبار المشاهير وصرف خلاله مبلغا «محترما» أخشى أن أتهم بالمبالغة لو طرحت أرقامه، والكلب المحظوظ له صفحة موثقة على موقع صاحب تلك الشركة. هذا الموقع للكلب «بيست» يبلغ عدد جمهوره أكثر من 2 مليون شخص و750 متابعا يوميا، والكلب من فصيلة تدعى «كوموندر» ويعتبر من سلالات «نادرة» كما يقال، ويتميز بشعره الأبيض الكثيف الذي يشبه كما يقول صاحبه «الخيوط الطائرة في الهواء»، ولا يكاد صاحب تلك الشركة الشهيرة يفارق «بيست» ساعة واحدة، فهو معه أينما حل وارتحل، ويشاركه على مائدة طعامه وأثناء عمله في شركته وأثناء نومه على سريره الوثير.