من أكثر المشاريع قيمة وربحية على المدى القصير والبعيد هي مشاريع البنى التحتية، إذ تعكف دول مجلس التعاون الخليجي عليها حالياً، وبحسب «أورينت بلانيت للأبحاث» فقد بلغت القيمة الإجمالية لمشاريع البنية التحتية نحو 1.14 تريليون دولار أمريكي، وتعدّ مشاريع الطرق السريعة والجسور والأنفاق من أكثر المشاريع التي يتم تنفيذها في المنطقة. وعليه فإن الاستثمار في المواصلات يعد صناعة مربحة، كما أنها تساهم في توفير فرص عمل عديدة، وربحيتها محسومة وإن تأخرت. لذا كان مشروع القطار الخليجي الذي تأجل للعام 2021، ذا أهمية للاقتصاد المحلي، فهو ينشط السياحة البينية والتجارة ويشجع الصناعات المحلية. من جهه أخرى، فقد جاء مشروع «قطار الحرمين» كمبادرة لها جدواها واستثمار له مردوده الكبير ليس فقط على الداخل السعودي إذ سيساهم كثيرا في تعزيز وتنمية الرحلات الدينية والمشاريع الترفيهية المصاحبة، انطلاقا من كونه مشروعا دشن أساسا للسياحة الدينية. ولكن لا ريب ستقام على سككه العديد من المشاريع التجارية وترصف الطرق وتستغل المساحات لتعزيز السياحة والترفيه كزيارة الآثار الإسلامية على سيبل المثال. التركيز على مثل هذه المشاريع التي لها قبول شعبي كبير يجعل منها مشاريع ناجحة حتى قبل أن تنفذ، فالقطار الذي كان حلم أهل الخليج منذ سنوات سيجعل منه هدفا لا وسيلة لتجربته. من ناحية أخرى، هذه الوسيلة ستحل الكثير من مشاكل التوصيل والمواصلات الداخلية في المواسم المزدحمة كموسم الحج. ولا أتوقع أن الأمر سيقتصر على الحجاج بل حتى على الأهالي الذين سيتوقون لتجربته وقد يروقهم ذلك بديلا عن السيارات وازدحام الشوارع وضياع الوقت. مثل هذه الاستثمارات تلقى رواجا كبيرا، لذا أجد أن الاستثمار فيها وتنميتها ذو جدوى كبيرة ونافعة، متأملة أن يكون اقتصار قطار الحرمين على ثلاث وجهات هو أمرا مؤقتا، فالتوسع في هذا المشروع ليس من باب البذخ بل مطلب للمنطقة بأسرها، بالذات لهواة السفر للديار المقدسة والزيارات الدينية، فلم لا يكون هناك قطار يتجه من وإلى البلدان المجاورة، لتكون وجهته الرئيسية هي مكة والمدينة؟ وباقي المدن التي بها آثار تاريخية. وتطوير بعض الأماكن التي تزخر بالمناظر الطبيعية أو التي تكون وجهة بحرية، فتوفير وسيلة كالقطار سيساهم في تنشيط السياحة إلى تلك الأماكن وسينظم حركة المرور كثيرا، وسيفتح بابا لتنمية تلك المشاريع وسيحفز ويشجع المشاريع الفردية من الصغيرة والمتوسطة والتجارة والقطاع الفندقي والاستراحات التي ستقوم على هامشه مستغلة هذا المشروع، وأكثر من ذلك سيوفر فرص عمل مختلفة في مناطق شتى. إن فكرة تطوير «قطار الحرمين» سيهدف في الأساس إلى تنمية السياحة الدينية وسيجوب المدن السعودية القاصية، والدول الشقيقة وسيفتح أفقا للاستثمار في مثل هذا النوع من المشاريع الترفيهية التي تلقى قبولا شعبيا واسعا، وعليه فالفكرة نأمل أن تتم ترجمتها واقعاً.