شدد رئيس الوزراء العراقي الأسبق إياد علاوي، على أن بلاده تفتقد السيادة، بقوله: لا قرار سياديا في العراق، لافتا إلى وجود قوات أجنبية وأخرى ميليشياوية تدار من الخارج وتتواجد في بلاده. وبيَّن أن البصرة مركز ثقل لإيران وفصائلها، بقوله: نحن مع أهل البصرة قلباً وقالباً. وأكد علاوي في حديثه ل«اليوم»، أنه يجب على العراق أن يكون العمق الإستراتيجي للعرب، وأشار في معرض حديثه لمقولة الراحل سعود الفيصل وزير الخارجية الأسبق، إن أمريكا سلمت العراقلإيران، وقال: إنه اتصل به وقتها وهنأه على هذا التصريح. ولفت زعيم ائتلاف الوطنية إلى أنه مع اتجاه المملكة العربية السعودية، بعودة العراق لحضنه العربي، وأن يكون فاعلا سياسيا إلى جانب جيرانه العرب. وأوضح أن الكيان الذي أسسه باسم «المنبر العراقي»، يهدف لإصلاح النظام السياسي في العراق، لا دولة يسودها الجهل وتحكمها ميليشيات. وقال: إن إضعاف العراق فتح الأبواب على مصراعيها لتدخل إيران، فإلى متن الحوار.. هناك مَنْ يقول إن القرار العراقي بات أسيرا لإيران كما كان لبنان أيام الأسد الأب، فلا قرار سياديا لبغداد منذ الانقلاب على إياد علاوي وتولي نوري المالكي رئاسة الحكومة الثانية.. لماذا كان إبعاد علاوي رغم حصوله على أغلبية تؤهله لتشكيل حكومة وطنية؟ - لا قرار سياديا في العراق -مع الأسف- السيادة في العالم تغيرت بسبب العولمة والتكنولوجيا الحديثة وتقدمها والتصدي المشترك للتطرف والإرهاب وحاجة دول الاعتدال إلى بعضها البعض، خاصة في أوضاع تشهد انقساماً في المشهد الدولي، وكذلك مفهوم الأمن هو الآخر قد تغير، هناك قوات أجنبية وقوات ميليشياوية تدار من الخارج وتتواجد على أراضي الأوطان، فعن أي سيادة نتحدث، بالنسبة للعراق عليه أن يوازن بين النفوذ الإيراني والتركي (في الشمال العراقي وكردستان بالنسبة للنفوذ التركي) من جانب، ومن جانب آخر وجود خجول لبعض الدول العربية وتراجع وتحرك ضعيف وتراجع مع شريحة من الشعب العراقي الكريم، وكذلك الولاياتالمتحدة وحلفاؤها من جهة ثالثة؛ وفي ظل انقسام شعبي واضح ورفض الشعب الكريم للعملية السياسية كما تبين في انتخابات 2018، فلقد صوَّت فيها حوالي 20 % من أبناء شعبنا، بينما عزف حوالي 80 % عن الانتخابات، وحتى ال20% هي مخلة بالأنظمة والشفافية ومليئة بالتزوير والتلاعب. قبل أيام أعلنتم عن تشكيل سياسي جديد باسم «المنبر العراقي»، بهدف إصلاح النظام، وبناء مؤسسات الدولة حسب معايير الكفاءة والنزاهة، وقلتم: إنه ليس حزبًا سياسيًا جديدًا، بل هو كيان نأمل أن يكون فاعلًا مع جمعيات واتحادات لها قاعدة شعبية واسعة، هل هو صرخة إياد علاوي لحث القوى الصامتة والمستنيرة من أجل إعادة العراق ليكون وطنا للجميع وليس أرضا لقتال ميليشيات تدعمها قوى إقليمية وأخرى دولية لاستمرار استنزافه وتحويله إلى دولة فاشلة إن لم نقل إنه فعلا بات دولة فاشلة؟ - نعم هي كذلك صرخة مدوية حققت ردود فعل إيجابية، ومن هنا جاءت أهداف المنبر الرئيسة، وفي مقدمتها إصلاح النظام السياسي في العراق، وهذا يتفرع إلى أجزاء كثيرة وكبيرة وأهداف مرحلية مثل تعديل بعض نصوص الدستور وإعادة كتابة القوانين المتعلقة بالانتخابات وإزالة الحلقات غير الضرورية في سلم بناء الدولة وسن قانون توزيع الثروات المالية وقانون النفط والغاز وغيرها، بالإضافة إلى بناء مؤسسات الدولة على أسس النزاهة والكفاءة والمهنية، لا المحاصصة، ووضع الآليات كمجلس الخدمة الاتحادي كمسؤول أول وأخير ومرجعية للتعيين على أساس الكفاءة. قلتم إن المنبر المنشود لن يقبل انضمام أي شخصية تمثل طائفة أو عشيرة ويرفض انضمام أي حزب وترحبون بالشخصيات، التي لا تمثل حزبها أو كتلتها أو طائفتها أو عشيرتها، فهل تأملون بتشكيل حركة وطنية عريضة تعيد العراق إلى سابق عهده وليس دولة يسودها الجهل وتحكمها ميليشيات وملالي؟ - بإذن الله تعالى هذا هو الهدف، أنا نشأت في أسرة تجارية وصناعية وسياسية منذ تأسيس الدولة العراقية في مطلع القرن الماضي، انخرطت في العمل السياسي منذ صغري -كنت في الرابعة عشرة من العمر- ولا أقبل ما يحصل لأمتنا العربية وبلداننا والدول الوطنية المكونة لأمة العرب، والعراق يجب أن يكون العمق الإستراتيجي للعرب وجسراً صلداً ومنيعاً بين دولنا العربية العزيزة والإسلامية، وأن يكون بقوته السياسية سداً منيعاً في حراسة حدود أمتنا لكي تتحول هذه الحدود إلى تلاق يقوم على احترام السيادة وعدم التدخل في الشؤون الداخلية من جهة وتبادل المنافع وتوازنها مع الكل من غير العرب من جهة أخرى. بيان المنبر اعتبر أن أهدافه الإستراتيجية هي إصلاح النظام السياسي ليكون بعيدًا عن المحاصصة والإقصاء والتهميش واجتثاث الطائفية، هل من الممكن فعلا اجتثاث الطائفية، التي بدأت بوجود البعث مع إقصائه جماعات مذهبية ومن ثم أتى الاحتلال الذي أسس للفوضى الخلاقة، التي تغذيها إيران اليوم؟ - اجتثاث الطائفية السياسية، أنا شيعي لكنني لست طائفياً، وعربي ولكنني لست عنصرياً، ومسلم ولكنني لست إسلامياً -بمعنى تسييس الدين-، هذه هوية حباها الله لأي إنسان لكنها لم تكن ولن تكون مدعاة للتمييز بين الأقوام. وأنا أعترض على كلمة الفوضى الخلاقة، فهي متوافرة ولكنها ليست خلاقة؛ ورأينا بأم أعيننا كيف دمر الربيع العربي -الخريف- الأمة بعد أن تم تفكيك العراق وتدميره بإجراءات الاحتلال، وأصبح نظام صدام حسين هو السبب فيما وصل إليه العراق، وبطبيعة الحال ووفق القاعدة العلمية والاجتماعية أن الضعف أو القلة لا بد أن تتأثر بالقوة فإضعاف العراق فتح الأبواب على مصراعيها لتدخل إيران، وما قاله المغفور له وزير الخارجية السعودي الأسبق، سعود الفيصل -رحمه الله-: إن امريكا (الإدارة) سلمت العراق إلى إيران، وقد كلمته وهنأته على هذا التصريح. هل أنتم متفائلون بأن الواقع السياسي والاجتماعي يمكن أن يتغير في العراق بعد كل ما جرى من تطهير عرقي ومذهبي وقتل وتدمير ممنهج ومدروس لتحطيم هذه الدولة، التي كانت أحد مؤسسي الحضارة الإنسانية منذ أكثر من 7 آلاف عام؟ - الأمل والثقة بالله القدير وبشعبنا الكريم وبكل أطيافه وشرائحه ولله الحمد موجودة، هناك رفض يتسع في الشارع العراقي ضد النفوذ الأجنبي والطائفية السياسية، لكن للأسف حتى بعض الدول العربية تعتقد أن الدفاع عن أهل السنة ودعمهم هو الجواب، ناسية أو متناسية أن الوطنية العراقية والانتماء للأمة هما أقدس من الطائفية السياسية، كان الرسول الأعظم -صلى الله عليه وسلم- قرشياً عربياً وبرسالة للإنسانية جمعاء، فماذا دهانا ولماذا نتراجع؟ السؤال السابق يطرح آخر، هل كل هذا الحقد على العراق بسبب تاريخه قبل آلاف السنين من سبي بابل إلى معركة القادسية وأخيرا حرب الثماني سنوات، التي انتهت وبدأ العد العكسي لدولة العراق مع نهايتها؟ - نعم هذا جزء من الحقد لكن أيضاً كان للعراق جيش جبار وبقادة عسكريين غُرّ ميامين؛ أساء إليه قائده عندما أمر الجيش بغزو الكويت الشقيق، هذا الطيش دمرّ العراقوالكويت وضرب التضامن العربي بالصميم، وفضلاً عن وجود مثل هذا الجيش الجبار، كان العراق ومصر العزيزة أيضاً يمتلكان أكبر ترسانة من المهندسين والقدرات المهمة في الصناعات بكل أشكالها، فكان العراق قاعدة العرب الأولى، كما كان مع مصر وأشقائه العرب والعراق صفاً واحداً، لكن مَنْ أساء كان هو نظام صدام. العراق اليوم بات شبه معزول عن المحيط العربي، خاصة مع وجود ممثلين للدبلوماسية العراقية ينتمون لأحزاب طائفية مرجعيتها في الخارج، كيف تقيّمون هذا الوضع؟ - هذا جزء من صورة أكبر وأدق تفصيلاً فلا صلاح إلا بتحقيق الإصلاح وبناء الدولة على مؤسساتها الكاملة النزيهة والكفؤة، ولهذا عقدنا العزم على السير في هذا الطريق المليء بالألغام والأشواك حتى يتكلل نضال شعبنا بالانتصار، ولم ولن نلجأ إلى السلاح وليست لدينا ميليشيات ولا مجاميع مسلحة، سلاحنا هو الإيمان بالله -عز وجل- وبشعبنا وبفكرنا وإرادتنا. بالنسبة للمملكة العربية السعودية، ترغب الرياض في عودة العراق لحضنه العربي، وأن يكون فاعلا سياسيا إلى جانب جيرانه العرب، هل هناك قوى سياسية عراقية تسعى لذلك؟ - نحن مع هذا الاتجاه، وأنا أذكر بوضوح كلام الملك فهد بن عبدالعزيز -رحمه الله- عندما طلب من المعارضة تشكيل حكومة عراقية في أي بقعة من العراق، وأن المملكة ستعترف بها وتدعمها، وأذكر كذلك المواقف الجليلة للملك عبدالله بن عبدالعزيز -رحمه الله-، الذي كنا نتواصل معه بعد تأسيس مجلس الحكم، وكذلك في فترة ترؤسي للحكومة، وكان واضحاً أن موقفه عروبي وجريء، لكن لم أزر السعودية منذ وفاة الملك عبدالله -رحمه الله-. البصرة مركز ثقل إيران وميليشياتها وتحرك أهلها عدة مرات رفضا للاحتلال والإفقار الممنهج، لماذا هذا التجاهل من قبل كل القوى السياسية والمرجعيات الدينية، وهل يعبر ذلك عن تواطؤ على سيادة العراق؟ - نحن مع أهل البصرة الكرام قلباً وقالباً ووقفنا ولا نزال معهم، البصرة العزيزة ليست مركز ثقل فحسب، وإنما هي سلة خبز العراق وإطلالته على العالم من خلال وجودها على الخليج العربي. هناك مَنْ يقول إن السلطات الثلاث الرئاسة والحكومة والبرلمان في قبضة إيران، إلى أين يسير العراق؟ - هكذا قال قائد الحرس الثوري الإيراني، والرد اليتيم والوحيد الذي جاء؛ هو ردي الشخصي، فيما لم أسمع ردا من أية دولة عربية أو إسلامية غير ردي..