واصلت صحف العالم اهتمامها بالبحث في دوافع الإرهابي «برنت تارانت»، الذي نفذ مذبحة مسجدي «كرايست تشيرش» بنيوزيلندا. وخلصت الصحف إلى أن المجرم نفذ جريمته متأثرا بأفكار اليمين المتطرف في الغرب، وتحت تأثير رغبة قوية في تخليد اسمه داخل هذا التيار المتطرف، الذي نما بسرعة هائلة خلال العقدين الأخيرين. » رونو كامو وقالت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية: إن البيان الذي نشره «برنت تارانت»، منفذ الهجوم على مسجدي نيوزيلندا، يرسم صورة للأفكار التي ألهمته القيام بجريمته. وبحسب مقال بالصحيفة ل«جيمس كولي»، نشر السبت، فإن البيان المؤلف من 74 صفحة والذي نشره المتهم على موقع «تويتر»، يكشف أن «تارانت»، الذي وصف نفسه بأنه رجل أبيض عادي من أسرة عادية، تأثر للغاية بالمثقف الفرنسي المتطرف «رونو كامو»، الذي كان يبدي انزعاجا من المهاجرين غير البيض. وأشار «كولي» إلى أن من بين الأشياء الأخرى الملهمة للمتهم، والتي أكدتها الشرطة النيوزيلندية، أن «تارانت» قال: إن رحلة إلى فرنسا عام 2017 أقنعته بأن البلد يواجه غزوا من غير البيض. ونقل «كولي»عن المتهم قوله: «سمعت وقرأت لسنوات عن غزو لفرنسا من غير البيض، واعتقدت أن ذلك أمرا فيه مبالغة، وعندما وصلت إلى فرنسا، وجدت أن القصص ليست صحيحة فحسب، لكن يتم التهوين منها بدرجة كبيرة». » الاستبدال العظيم وبحسب الكاتب «جيمس كولي»، فإن «تارانت» سمى بيانه ب«الاستبدال العظيم»، في إشارة إلى كتاب نشره المثقف الفرنسي رونو كامو، والذي تحدث فيه عن وضع يتم فيه استبدال الغالبية البيضاء بغير البيض القادمين من شمال أفريقيا، وأغلبهم من المسلمين. ونوه «ماكولي» بأن كتاب «رونو» ظل لسنوات طويلة مرجعا مهما لليمين المتطرف في فرنسا، وحتى بعد تراجع نسبة المهاجرين إلى أوروبا عام 2015. وأضاف: «تجاوز خطاب كامو الحدود الفرنسية، وأصبحت أفكاره هي التي تقف وراء الهجمات التي يقوم بها متطرفون بيض في أنحاء مختلفة من العالم». لكن بحسب الكاتب، فإن كامو أكد شجبه أعمال عنف مماثلة، وعندما سئل عن موافقته على الطريقة التي استخدمت فيها أفكاره التي وردت في كتابه، أجاب بالنفي. ويقول ماكولي: «يبدو أن الخوف من أفكار كامو وصل إلى كرايست تشيرتش في نيوزيلندا»، حيث كانت هي الأفكار التي يعتنقها منفذ الهجوم. » بث مباشر وقالت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية: إن تفاصيل الجريمة الإرهابية التي وقعت في نيوزيلندا، تؤكد أن المتهم خطط للجريمة وهو يضع الإنترنت نصب عينيه. وأوضحت في تقرير لها أن القاتل ترك العديد من الأدلة الرقمية التي تثبت أنه كان يصنع فيلما لجريمة حقيقية تصلح للبث عبر مواقع التواصل الاجتماعي، مضيفة: إن اختياره لنيوزيلندا مكانا لجريمته كان يستهدف إرسال رسالة عبر العالم الرقمي، بأنه لم يعد هناك مكان آمن على وجه الأرض من المتطرفين البيض. وأشارت المجلة الأمريكية إلى أن هجوم الجمعة لم يكن أول حادثة قتل وحشية يجري بثها مباشرة على فيسبوك، لكن بيان القاتل والفيديو كانا متشبعين للغاية بمصطلحات وأعراف ثقافة الإنترنت. » لغة مشتركة ولفتت فورين بوليسي «إلى أن المجرم في مستهل الفيديو شجع المشاهدين على الاشتراك في قناة PewDiePie، المملوكة لفيليكس شالبرج، والتي لديها حوالي 90 مليون متابع، الأمر الذي دفع الأخير إلى شجب الهجوم». وتابعت المجلة: بالإضافة إلى إشارته إلى بعض من مارسوا القتل الجماعي من البيض، أشار البيان كذلك بكثرة إلى الصور والنصوص التي تشكل اللغة المشتركة لمستخدمي الإنترنت، كما يمثل البيان في مضمونه خطابا يدعو إلى قتل غير الأوروبيين. » نزعة السيادة واعتبرت صحيفة «لوس أنجلوس تايمز» الأمريكية أن الجريمة الإرهابية التي وقعت ب«كرايست تشيرش»: ثمة من سيقول إن المجرم مجنون، لكن ملابسات الحادث تقول بأنه تجسيد لعنصرية الجنس الأبيض العنيفة ونزعته إلى السيادة. ودللت الصحيفة على رأيها بحرص المهاجم على التسلح بأسلحة تشبه أسلحة المقاتلين، ورغبته في إرسال رسالة مفادها بأنه لم يعد هناك مكان آمن يمكن أن يلجأ إليه المهاجرون. وقالت الصحيفة الأمريكية: إن من بين المفارقات أن «تارانت» هو في الأصل مهاجر أسترالي المولد وافد إلى نيوزيلندا، لكنه مع ذلك لا يرى نفسه سوى مدافع عن ثقافة أوروبية في مواجهة مهاجرين مسلمين يمثلون خطرا على تلك الثقافة.