بعد عرض المجلس السعودي للأفلام التابع للهيئة العامة للثقافة الفيلم السعودي «الدنيا حفلة» المرشح للمشاركة في مهرجان «صن دانس» الأمريكي لفئة الأفلام القصيرة، بعد عرض هذا الفيلم يمكن القول باطمئنان وثقة إن ذلك يبشر بمستقبل واعد ينتظر السينما السعودية على المستويين المحلي والعالمي، لاسيما أن المجلس يهدف منذ إنشائه للاحتفاء بالمواهب السعودية الشابة وتمكينها من إظهار قدراتها في هذا الفن الوليد لتنمية صناعة الأفلام بالمملكة من جانب، وللارتقاء بهذا الفن عن طريق توفير منصات العرض الثابتة للأفلام السعودية وتدريب الطاقات الشابة في كبريات المعاهد والأكاديميات العالمية لتقديم الأفضل والارتقاء بهذا الفن إلى أرفع المراتب والمستويات من جانب آخر. صحيح أن هذا الفيلم السعودي يبشر بخير واعد للسينما بالمملكة غير أن التجارب السينمائية السابقة مهدت لهذه البشرى بأعمال ناجحة أخرى قد لا تتسع مساحة هذه العجالة للخوض في تفاصيلها وجزئياتها، وسوف أذكر شيئا منها للدلالة على صحة التوجهات الحالية لصناعة الفن السينمائي السعودي، فالأعمال الفنية الإبداعية للمخرجة السعودية هيفاء المنصور وهي أول مخرجة سعودية خاضت غمار الفن السينمائي بدراية وشجاعة، وتمكنت باجتهاداتها الشخصية من ترك بصمات واضحة في مضاميرالإخراج السينمائي لاسيما في مجاله الكوميدي تحديدا. لقد شاركت المنصور بأعمالها السينمائية في مهرجانات دولية كبرى كمهرجان «كان» بفرنسا، حيث تم ترشيحها لجائزة «الأوسكار» كما أنها حازت على جائزة «المهر الذهبي» لأفضل فيلم روائي عربي في مهرجان دبي السينمائي الدولي، ولم تكن المنصور الأولى في خوض غمار السينما بأعمال ناجحة يشار لها بالبنان، فقد شاطرتها مبدعة شابة سعودية أخرى في هذا المجال الفني أيضا هي الفنانة هناء العمير، حيث قامت بتصوير فيلمها الرائع «أغنية البجعة» بمدينة الرياض، وتم عرض هذا الفيلم في مهرجانات عربية وعالمية ونال قبولا واستحسانا من أوساط فنية معروفة. هاتان التجربتان الناجحتان للمنصور والعمير إضافة إلى فيلم «الدنيا حفلة» تؤكد بما لا يقبل الشك أن النجاحات المتوالية هي حليفة تلك التجارب التي تخوضها طاقات سعودية شابة من الجنسين، وهي تجارب لا تقل في جودتها النوعية عن تجارب عربية وعالمية ناجحة في هذا المجال الفني الحيوي. ورغم المدة القصيرة التي ظهرت فيها عدة أعمال سينمائية سعودية الا أن النجاح كان حليفها دائما، وتشجيع السينمائيين السعوديين لخوض غمار فن السينما العريق أدى إلى تحقيق تلك النجاحات الباهرة لعدة أعمال سعودية عالجت الكثير من قضايا المجتمع السعودي الناهض، ولا شك أن تلك الأفلام الوليدة التي دخلت بها الطاقات السعودية الشابة غمار الفن السينمائي أضافت أبعادا جديدة لهذا الفن على المستويات العالمية، وقد حققت تلك التجارب سلسلة من النجاحات النوعية الملحوظة في زمن قياسي من عمرها القصير.