كنت ألقيت الضوء في مقال سابق نشر في هذه الجريدة على الأعمال الفنية الإبداعية للمخرجة هيفاء المنصور، وهي أول مخرجة سعودية خاضت غمار هذا الفن بدراية وشجاعة، وتمكنت من ترك بصماتها الواضحة في مضامير الإخراج السينمائي في مجاله الكوميدي تحديدا فقد شاركت بأعمالها في مهرجانات دولية كبرى كمهرجان «كان» 4 بفرنسا وترشيحها لجائزة «الأوسكار» وحيازتها جائزة «المهر الذهبي» لأفضل فيلم روائي عربي في مهرجان دبي السينمائي الدولي. وأعود مجددا لألقي الضوء على مبدعة شابة سعودية أخرى في هذا المجال الفني الحيوي هي الفنانة هناء العمير، حيث انتهت مؤخرا من تصوير فيلمها الرائع «أغنية البجعة» بمدينة الرياض، وتم عرضه في مهرجانات عربية وعالمية ونال إقبالا واستحسانا من أوساط فنية معروفة، بما يؤكد نجاح هذه التجربة الفنية التي تضاف إلى نجاحات عديدة أحرزتها المرأة السعودية في هذا المجال الفني، الذي لا يقل في أهميته عن نجاحاتها في مجالات علمية متنوعة نالت من خلالها أعلى درجات ومراتب التفوق والنبوغ والابتكار، وحصدت مجموعة من الجوائز العالمية بما في ذلك حصولها على شهادات البراءة في مجال الاختراعات العلمية من كبريات المؤسسات المانحة في العالم. وجدير بالذكر أن العمير قامت بإخراج فيلم شهير آخر هو «شكوى» الحاصل على العديد من الجوائز، كما أنها نالت إشادات واسعة عن تجربة عملها التلفازي المتميز «بدون فلتر» وقد صورته سينمائيا وعرض في شهر رمضان الفائت، وتمثل التجربتان إضافة إلى تجربتها الأولى مدخلا مهما لسلسلة من الأعمال الفنية في مجال الإخراج السينمائي تزمع المخرجة الشابة تقديمها للجمهور السعودي على وجه الخصوص وللجمهور العربي على وجه عام، وتلك الأعمال الفنية رغم أنها تعد من بواكير ما قامت به هذه المخرجة إلا أنها تمثل في حقيقة الأمر انطلاقة جديدة، وإضافية إلى عدد من الانطلاقات الواثبة التي حققتها المرأة السعودية في هذا المجال الفني الذي دخلت إلى عالمه باطمئنان شديد وأحرزت فيه نجاحات مشهودة. وهذا يعني أن الإخراج له دور حيوي في خدمة النص المكتوب وتحويله إلى حركة مرئية تختصر فصول الرواية وأبوابها وتقربها إلى عدد أكبر من الجماهير، وأكاد أزعم أن دعم الدولة اللا محدود لتلك الكفاءات الشابة كما هو الحال مع المخرجة العمير وغيرها من الطاقات هو السر الكامن وراء ما تحقق ويتحقق من نجاحات متعاقبة سواء في المجالات العلمية أو الفنية أو نحوها. ونجاح العمير في مضمارها الفني يدفعني للقول بأن المرأة السعودية متى ما منحت الفرصة لإثبات مواهبها وإظهار قدراتها فإنها سوف تحقق الكثير من تطلعاتها نحو صناعة المستقبل المأمول والزاهر لهذا الوطن المعطاء، وهو مستقبل رسمته بخطوط عريضة وواضحة رؤية المملكة الطموح 2030.