بدت المرأة السعودية عنصرا قويا في النهج الجديد الذي تسلكه المملكة وفق رؤية 2030، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن المرأة كانت وما زالت ضمن اهتمامات القيادة الرشيدة لرفع مستوى مشاركتها في البناء والتنمية من خلال استثمار طاقاتها وتمكينها على جميع الأصعدة، إذ حظيت بالعديد من الامتيازات والفرص التي سمحت لها أن تحلق في فضاءات التميز والإبداع في شتى المجالات، فالمرأة على مستوى العالم عضو بناء وبارز ووجودها كشريك للرجل ضرورة ملحة لتنمية المجتمعات، كما أن المرأة السعودية لا تقل عن غيرها من النساء الأخريات اللاتي كانت لهن بصمات مشهودة في عالم التنمية، بل قد تتفوق عليهن بما تحمله من حماس ورغبة في أن تثبت نفسها بالشكل الذي يجعل الثقة التي مُنحت لها في محلها. تناقلت العديد من وسائل الإعلام خبر تعيين الأميرة ريما بنت بندر بن سلطان آل سعود سفيرة للمملكة لدى الولاياتالمتحدةالأمريكية بمرتبة وزير، وبذلك تعد أول سفيرة في تاريخ المملكة قاطبة، وهذا ما يبرهن التحولات المرتبطة بحقوق المرأة وانفتاح الوعي العام في الحركة النسوية، مما يجعل دخولها في السلك السياسي والدبلوماسي حقا مشروعا لممارسة تجربتها السياسية وفق ما تملكه من قدرة على إثبات جدارتها، كما يفتح لها بقية الأبواب التي كانت حكرا على الرجل في فترات سابقة ومن بينها الباب الرياضي. ولأن النهج السعودي الجديد يمشي بخطوات متسارعة ومتزنة في الوقت ذاته، فُتح الباب الرياضي للمرأة السعودية على مصراعيه، فقد انطلقت أول بطولة نسائية خليجية بالمنطقة الشرقية تحت مسمى «الكرة تجمعنا» بدعم من الاتحاد السعودي للرياضة المجتمعية بمشاركة 16 فريقا، 11 منها من السعودية و6 من بقية الدول الخليجية، إذ تسعى البطولة لخلق أجواء رياضية نسائية لا تخلو من طابع الخصوصية والحفاظ على العادات الاجتماعية وكذلك القيم الإسلامية، وقد عُقِد قبل ذلك مؤتمر صحفي بهذا الخصوص وكنت ضمن الحضور الذي جمع العديد من الإعلاميين والصحفيين والمهتمين من الجنسين، وقد كان حضور الرجال كبيرا مما جعلني أعتقد للوهلة الأولى أن هناك الكثير ممن يؤيد دخول المرأة في عالم الرياضة وبالأخص «كرة القدم»، ولكن بحكم كوننا نجلس في نفس القاعة استطعت أن أستمع لسخرية وقهقهة البعض منهم مما يؤكد أن هناك من لم يتقبل هذه الفكرة بعد. ما زالت الرياضة النسائية بأنواعها المختلفة تصدم بحواجز المجتمع، سواء من خلال الزي الرياضي الذي يشكل عائقا في مشاركتها ويثير جدلا لا ينتهي، أو الفكر الراسخ في أذهان البعض بأنها لا تملك القدرة على ممارسة ذلك أو البراعة فيه، فهل تستطيع المرأة السعودية من خلال هذه البطولة قلب الموازين وتغيير النظرة النمطية عنها! الأيام المقبلة هي الفيصل.