تابعت في وسائل الإعلام فعاليات القمة العالمية للحكومات التي استضافتها دبي في الفتر ما بين 10 - 12 فبراير 2019م، والتي هدفت إلى ترجمة رؤية دولة الإمارات من خلال جمع أهم المنظمات والشركات والقادة ورواد التغيير وصناعة السياسات على منصة واحدة؛ لصياغة سيناريوهات علمية حول سلوك المجتمعات والحكومات في المستقبل، وكيفية تعاطيها مع التحولات الكبرى التي ستحدثها الثورات الصناعية والرقمية المرتقبة. وحقيقة، يمكن وصف هذه القمة بأنها قمة التخطيط للمستقبل، حيث شارك فيها حوالي 4000 مسؤول من 140 دولة، بينهم 600 خبير من مستشرفي المستقبل والمتخصصين، وأكثر من 120 رئيسا ومسؤولا في شركات عالمية بارزة. وقد أصدرت هذه القمة أكثر من 20 تقريرا، تشكل في مجموعها مرجعية عالمية لشؤون العمل الحكومي المستقبلي، تساعد صناع القرار والمسؤولين على رسم إستراتيجيات استشرافية للمستقبل. وقد توزعت أعمال القمة على أكثر من 200 جلسة حوارية رئيسية وتفاعلية، تناولت القطاعات المستقبلية الحيوية في 7 محاور رئيسية تعالج مستقبل التكنولوجيا وتأثيرها في حكومات المستقبل، ومستقبل الصحة وجودة الحياة، والبيئة والتغير المناخي، والتعليم وسوق العمل ومهارات المستقبل، والتجارة والتعاون الدولي، والمجتمعات والسياسة، والإعلام والاتصال بين الحكومة والمجتمع، وذلك ضمن أهدافها الساعية إلى إحداث تحول نوعي في الوعي والأداء الحكومي. ومن القضايا التي تمت مناقشتها قضية التغير المناخي، وتم طرح تجربة دولة الإمارات كنموذج للتحرك الفعال؛ للحد من تداعيات التغير المناخي، وذلك بتحويل آثارها السلبية إلى فرص تنموية مبتكرة، تسهم في تحقيق التنوع الاقتصادي والنمو المستدام. فقد أظهرت التجربة الإماراتية النمو المتسارع في قطاع الطاقة النظيفة والمتجددة والاستثمار المتزايد في المدن المستدامة والأبنية الخضراء، بالإضافة إلى الزيادة المطردة للمساحات الخضراء والعناية بالمحميات الطبيعية، وغير ذلك من الجهود والإنجازات. وأخيرا وليس بآخر.. وفي ضوء نجاح هذه القمة العالمية للحكومات وأهميتها لمواجهة تحديات المستقبل، وفي ضوء ما نعيشه في المملكة من مشاريع تنموية عملاقة، فإنني أقترح عقد فعاليات مشابهة، على المستوى الوطني وعلى مستوى المناطق، يُدعى إليها الخبراء والمتخصصون في الدراسات المستقبلية؛ لاستشراف المتطلبات المستقبلية لهذه المشاريع، وبما يحقق الرؤية الطموح للمملكة 2030 من خلال الاستشراف الدقيق والواقعي لمعطيات ومتطلبات المستقبل.