عدد الأقمار الصناعية التي أطلقتها السعودية منذ 2000م إلى الآن 15 قمرا صناعيا، وأطلقت مؤخرا قمرا جديدا في 6 فبراير 2019م. وقد وقع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد -حفظه الله- على ذلك القمر بعبارة (فوق هام السحب). والقمر يُرمز له (1-SGS)، وهو أول قمر سعودي للخدمة في مجال الاتصالات بإشراف مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية وبالتعاون مع شركة «لوكهيد مارتن». وقد أطلق القمر الصناعي من قاعدة كورو في إقليم غويانا الفرنسية، والتي تقع على الساحل الشمالي لأمريكا الجنوبية. وهو ينقل البيانات بسرعة 35 غيغابايت لكل ثانية. ويغطي مناطق الشرق الأوسط وأوروبا وشمال أفريقيا على مدار ثابت فوق الأرض من على ارتفاع 36 ألف كيلو متر. وهي الخطوات الأولى نحو عالم الفضاء والاتصالات، الذي يفتح باب التفاؤل والأمل على مصراعيه نحو الاتجاه إلى المشاركة ونقل المعرفة والعلم إلينا، حيث شارك عدة مهندسين سعوديين في عملية التصنيع وذلك من أجل اعتمادهم ونقل الخبرة العلمية والعملية، والإلمام بأحدث التقنيات في هذا المجال. وقد شاركت السعودية سابقا مع الفريق الصيني لاكتشاف الجانب المظلم من القمر. وكلها خطوات رائدة في توطين صناعة الأقمار الصناعية، والسعي نحو تحقيق الأهداف من رؤية 2030. ومن ناحية تاريخية، فإن أول قمر صناعي هو «سبوتنك1»، وقد أطلقه الاتحاد السوفيتي عام 1957م. حيث كان تحديا وإعلانا لبداية السباق إلى عالم الفضاء. ولكن القصة كانت قد بدأت قبل ذلك بعدة قرون، حيث كان هناك ما يسمى «طريق الحرير» وهو فضاء الأرض في ذلك الزمن، ومن كان له نصيب في هذا الطريق الذي تسلكه القوافل والسفن للحركة التجارية الممتدة من الصين إلى أفريقيا وأوروبا يكون له دور مهم في الاقتصاد العالمي. ثم انتعشت تجارة البهارات أو «طريق البهارات» وكان لها أيضا أثر اقتصادي فعال. ولذلك سارعت الدول الغربية للحصول على الامتيازات من أجل تلك التوابل والبهارات وغيرها من الثروات، والتي كان لها دور بارز في اقتصاد العالم، وذلك حين أفاق الأوروبيون من سباتهم العميق في بداية عصر النهضة (القرن الخامس عشر الميلادي). وعندما أشرقت شمس القرن العشرين بدأ عالم النفط بالنهوض والانتعاش، وهو مستمر إلى اليوم بتأثيره العالمي والقوي. وأما المستقبل، فهو بلا شك سيكون لعالم الذكاء الصناعي والاتصالات، ومن يملك أفضل التقنيات الحديثة والاتصالات والأقمار الصناعية، فسيكون معتمدا على ذاته ويصنع مستقبله بنفسه، وسيكون له دور فعال ومؤثر فيما يمكنني أن أسميه «طريق الحرير الفضائي». وإنه من الرائع والمدهش حقا أن يكون لدينا حلم كبير، والأجمل أن نحوله إلى هدف، والأروع أننا نسير في الطريق إليه بخطى ثابتة ومتوازنة. يقول المؤلف والكاتب الأمريكي الشهير ستيفن كوفي: أفضل طريقة لتتنبأ بمستقبلك هو أن تصنعه! ونحن اليوم بفضل الله نملك مصادر متنوعة للطاقة مثل: البترول، والغاز، والشمس وغيرها، وحين نملك إضافة إلى ذلك التقنية للمستقبل من اتصالات وأقمار صناعية سنكون مؤثرين بقوة أكثر في المشهد الاقتصادي والتقني العالمي، الذي بدون شك سيؤثر على المشهد السياسي للعالم الحالي والمستقبلي.