شكلت رحلة أول رائد فضاء عربي ومسلم صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان للفضاء العام 1985م، مصدر إلهام للشباب السعودي باتجاه الطموح والمغامرة والنجاح، تلك الرحلة التي دفعت ببرنامج المملكة للفضاء من خلال مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية إلى الأمام. ووضعت المملكة على طريق التقدم في علوم وتقنيات الفضاء، في هذا المضمار تحقيقاً لرؤية المملكة 2030، وتتميز المملكة العربية السعودية بدخولها مجال إطلاق الأقمار الصناعية بخطوات ثابتة، حيث أطلقت أول أقمارها العام 2000، ويحمل اسم "سعودي سات-1" وهو عبارة عن منظومة أقمار تجريبية صغيرة، فضلا عن ذلك، استطاعت المملكة مؤخرا عبر مركز تقنية الأقمار الصناعية تطوير أنظمة الأقمار الصناعية وتطبيقاتها من تصوير فضائي ونقل بيانات. 12 قمراً صناعياً وقام المركز بتصميم وبناء وإطلاق اثني عشر قمرا صناعيا حتى العام 2013، أثبتت فعاليتها ونجاحاتها، ومنها القمر الصناعي "أوسكار 50" الذي يعد الوحيد المستخدم لتقنية الخلايا الشمسية الكريستالية المتطورة في مجال الاتصالات وكذلك القمر الصناعي "سعودي سات س1" الذي تدخل استعمالاته في نواحي الحياة التجارية والتقنية ومجال الملاحة البحرية والبرية على حد سواء، وبدقة كبيرة ومتطورة. إطلاق ناجح ويعد القمر السعودي للاتصالات (SGS1) أول قمر للاتصالات الفضائية مملوك للمملكة، ويقدم تطبيقات متعددة تشمل اتصالات النطاق العريض والاتصالات الآمنة وتوفير الاتصالات للمناطق شبه النائية والمناطق المنكوبة لا قدر الله، ويدعم هذا القمر الذي سيتم تشغيله والتحكم به من خلال محطات أرضية في المملكة البنية التحتية لقطاع الاتصالات. وأعلنت أول من أمس مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية، عن إطلاق القمر السعودي الأول للاتصالات (SGS-1)، بنجاح من مركز غويانا الفرنسي للفضاء على متن الصاروخ "أريان 5"، الذي وقع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع -حفظه الله-، على القطعة الأخيرة له بعبارة "فوق هام السحب". استراتيجية وطنية ويهدف القمر إلى تأمين اتصالات فضائية ذات سرعات عالية على نطاق Ka-Band كخطة استراتيجية وطنية لتلبية احتياجات المملكة، وتقديم خدمات الاتصالات بمواصفات متطورة لاستخدامها من قبل القطاعات الحكومية، وبمواصفات تجارية لبقية مناطق الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وأوروبا وأجزاء كبيرة من أفريقيا وآسيا الوسطى، كما يهدف إلى تطوير القدرات المحلية والموارد البشرية وخلق فرص عمل في مجال صناعة الفضاء. كوادر وطنية ويحتوي القمر السعودي للاتصالات، الذي سيتم إدارته وتشغيله والتحكم به عبر كوادر وطنية، على حمولة متعددة الحزم توفر قدرة مرورية تتعدى 34 قيقا بت في الثانية، وكذلك ألواح شمسية عالية الكفاءة تقوم بتوليد الطاقة بقدرة إجمالية تتجاوز 20 كيلو واط، كما يحتوي القمر على وحدة معالجة تسمح بتغير إعدادات الإشارة الصاعدة والهابطة، ووحدة توزيع قادرة على تمرير الاتصالات بين المستخدمين دون عبور المحطات الأرضية، كما يحمل حمولة للاتصالات لنطاق Ku-band مخصصة لهلاسات إحدى شركات عربسات. تقنيات متقدمة ويمتاز القمر السعودي للاتصالات باستخدامه لأنظمة دفع هجينة (كهربائية وكيميائية) ساعدت في تقليل وزن القمر وزيادة عمره الافتراضي، حيث يبلغ وزنه 6.5 أطنان وعمره الافتراضي أكثر من 20 عامًا، وكذلك استخدامه تقنيات متقدمة للاتصالات الآمنة والاتصالات المقاومة للتشويش. توفير المعلومات من جانبه قال مدير محفظة مكتب تحقيق الرؤية بوزارة التعليم والمتخصص في هندسة تقنية المعلومات م. مهدي الألمعي يأتي إطلاق القمر الصناعي السعودي الأول تحقيقا لأهداف رؤية المملكة العربية السعودية 2030 بقيادة مولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظهم الله-، حيث سيساهم القمر في دعم توفر المعلومات بشكل مباشر وذلك من خلال أحدث التقنيات والمعايير العالمية. وأضاف م. الألمعي أن القمر سيساهم بشكل كبير في توفير خدمات الاتصالات للنطاق العريض والاتصالات للمناطق النائية، في حين أن القمر سيتم تشغيله من خلال موارد بشرية سعودية فإن ذلك سيكون له أثر كبير في تطوير الكوادر البشرية السعودية. توطين التقنيات وبين م . الألمعي أن القمر تم بناؤه وإجراء الاختبارات اللازمة عليه بمشاركة علماء ومهندسين سعوديين تحقيقاً لرؤية المملكة 2030 التي تهدف إلى توطين التقنيات الاستراتيجية في المملكة، وزيادة المحتوى المحلي، وتمكين الشباب السعودي من العمل على التقنيات المتقدمة في مجال تطوير وتصنيع الأقمار الصناعية، واستطرد: بذلت المملكة جهود كبيرة لتوطين علوم وتقنيات الفضاء، باعتبار الفضاء أحد العلوم الاستراتيجية الرائدة للتقنية والابتكار، وكانت مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية ولا تزال تدير برنامج الفضاء الوطني في المملكة منذ الثمانينات من خلال خبراء وعلماء سعوديين. برنامج استدامة وأوضح مهندس نظم وتقنية المعلومات والاتصالات محمد العوامي أن المملكة وضعت برنامجاً مستداماً للتقنية الفضائية وتطبيقات الأقمار الصناعية من خلال تأهيل وتدريب العلماء والمهندسين السعوديين ونقل التقنية وإنشاء البنية التحتية اللازمة لدعم صناعة الفضاء في المملكة. وأضاف م. العوامي يعد إطلاق القمر السعودي الأول للاتصالات (SGS-1) نقلة نوعية للملكة في عالم الاتصالات الأمر الذي ينعكس إيجابا على مواكبة المملكة لثورة تقنية المعلومات وتغطية الاتصالات في جميع مناطق المملكة حتى المناطق النائية والمناطق الصحراوية. عهد الازدهار وأكد م. العوامي أنّ عهد خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين هو عهد الازدهار والاستثمار في العقول البشرية من خلال الشباب السعودي في عالم ثورة تقنية المعلومات، حيث قال سيدي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان في مقولته المشهورة "همة السعوديين ك"طويق.. لن تنكسر" ويأتي إطلاق القمر السعودي الأول للاتصالات بأيدٍ سعودية تأكيدا لمقولة سموه حيث سيتم تشغيله والتحكم به من خلال محطات أرضية في المملكة من خلال الخبراء والعلماء السعوديون حق لنا بأن نفخر بهذه الإنجازات الوطنية العظيمة.