سبق وأن كتبت في هذ الموضوع مرارا لأهميته وحتى لا ينطلق الشباب للبحث عن شخصيات يقتدون بها من خارج الأسرة، فإذا كان حظهم جيدا وجدوا القدوة الصالحة، وأما إذا تعثر وقعوا تحت تأثير قدوة سيئة لا قدر الله. لا يحظى الكثير من الشباب بإشباع حاجاتهم النفسية، وأهمها العاطفية والروحية، من قبل الآباء والأمهات، فكثير منهم يعانون الفراغ العاطفي والغذاء الروحي والافتقار للاهتمام للأسف. التفريط بالتأثير الإيجابي «القدوة الحسنة» عامل رئيس في تدمير المراهقين، في هذه المرحلة وما بعدها، يجب احتواء الشباب ومتابعتهم المستمرة، خاصة في عصر التكنولوجيا التي لا ننكر فضلها في تسهيل حياتنا اليومية وجعل العالم كله قرية صغيرة. لكن لا ننكر أيضا سلبياتها. لذلك علينا كأسر توعية أبنائنا وهم في سن المراهقة حول كيفية اختيار من يقتدون بهم، ومما يؤسف له حقا أن بعضا من المراهقين والشّباب الصغار يتخذون بعض الممثلين والمغنين وبعض الشخصيات الغربية قدوة لهم، يقلدونهم في طريقة الملابس وفي الحركات وقصة الشعر، والخوف الأكبر أن يقلدوهم في العقائد والعادات ونحوها. لماذا؟!! ونحن لدينا القدوة الحسنة بداية برسول الله -عليه أفضل الصلاة والسلام- وصحابته -رضوان الله تعالى عليهم أجمعين- ثم بنا كمجتمع مسلم مسؤول يرقى بأخلاق المسلم ويتبع السلوكيّات الجيّدة التي تتوافق مع الفطرة الربانيّة ومع مبادئ الدين الإسلامي. مجتمعنا، ولله الحمد إلاّ نسبة ضئيلة جدا، يتصف بالأخلاق العالية والسلوكيات الإيجابيّة والقدوة الصالحة. ولكن المؤسف حقا وجود البعض من الآباء بينهم وبين أبنائهم هوة عميقة جعلت الأبناء يستسلمون للتقنية السلبية الواردة من الخارج وأفرزت أزمة في الانتماء وعزلة عن الواقع والبيئة، فابتعد الأبناء عن العادات والموروثات البيئية والهوية الوطنية، والنتيجة شباب حائر يبحث عن قدوة. الشباب يحتاج للتربية بالقدوة الصالحة عملا وقولا، أثبتت التجربة أن «فعل رجل في ألف رجل خيرٌ من قول ألف رجل في رجل» لأن الأفعال أقوى تأثيرا من الكلام. أعرف آباء وأمهات لم تسمح لهم ظروف الحياة بالتعليم أو بمعنى آخر آباء وأمهات أميين ولكنهم علماء كبار بالفطرة النقية التي فطر الله الإنسان عليها فلم تتأثر فطرتهم بماديات الحياة ومظاهرها، بالإضافة إلى دروس الحياة وتجاربها التي صقلتهم فاحتووا وصادقوا وغرسوا الحب المبني على الثقة الصادقة المتبادلة فأحسنوا التربية بالفطرة كانوا القدوة الصالحة والمثل، استطاعوا أن يبنوا سورا منيعا يحمي أبناءهم من الانحرافات والتوجهات السلبية والأفكار المضللة. أعرفهم تماما من ذوي الدخل المحدود ومن «بند الأجور» بارك الله لهم وجزاهم خير الجزاء فجعل أبناءهم أعلاما لكل علم نافع وخيرا في المجتمع ليس بالضرورة أن أذكر أسماءهم فالمجتمع أعلم بأعلامه وأدرى برقي وأمانة فئاته المسؤولة وأمثالهم كثيرون ممن أخلصوا لله والوطن فوفقهم الله.