بعد تسييس الحوادث الفردية لهروب المراهقات ضمن أجندات تداخلت فيها أوراق وادعاءات لحق يراد به باطل مبررة هروب الفتيات باتهام أهاليهن بممارسة العنف عليهن، كان لزاما طرح قضية العنف على المرأة، وهي ظاهرة عالمية اهتمت لها الأممالمتحدة ومنظمة الصحة العالمية حيث تشير التقديرات إلى أن واحدة بين كل 3 نساء (35٪) في العالم يتعرضن في حياتهن للعنف. وقعت المملكة العربية السعودية في عام 2000م على اتفاقية سيداو للقضاء على التمييز ضد المرأة مع التحفظ على بعض بنودها، وخطت خطوات واثبة في تمكين المرأة، وقد أكد سمو ولي العهد محمد بن سلمان في أكثر من مرة بتصريحاته على الإصلاحات الجادة التي تمكن المرأة في جميع الأصعدة وبمساواة مع نظيرها الرجل وبما يحفظ كرامتها ضمن القيم والدين، رافق ذلك قرارات دعمها المقام السامي من مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز منذ عام 2017م لامسنا تأثيرها، ومنها القرار التاريخي بالسماح للمرأة بقيادة السيارة، ومع ذلك استمرت جهات مشبوهة التوجهات تدعمها جهات خارجية تجلت نواياهم بحملات ممنهجة تشجع على الإلحاد والتمرد على الأسرة والهروب، هادمين بذلك القيم والارتباط الأسري والمجتمعي، ومخربين للرؤى الإصلاحية التي تقودها الدولة وتعيدها للخلف في ملف المرأة خوفا من تمردها. في ظل تسييس بعض قضايا المرأة واستغلالها لا يمكننا التغافل عن ملف العنف الأسري وبين ما أمنته الحكومة من تشريعات وإمكانيات للحد من العنف وحماية المعنفات. ولكن على الرغم من وجود لوائح تنظيمية وتشريعات تتعامل مع العنف الأسري من تبليغ ومتابعة وتنفيذ، إلا أن الواقع يشير إلى وجود خلل ساهم في تخوف الضحية من التبليغ لعدم ثقتها بالحماية التي ستقدم لها وعقاب المعنف لردعه من تكرار فعله. وجه النائب العام بمتابعة قضية فتاة اشتكت من العنف عبر وسائل التواصل، ولعله تحول جديد في التعامل مع العنف الأسري الذي كان يوجه مباشرة لوزارة العمل والتنمية الاجتماعية التي لا ننكر دورها، لكن ما يعلن عن سوء دور الحماية رغم الوعود بتحسينها بحاجة للوقوف وقفة حازمة في ظل الإصلاحات التي تشهدها المملكة على جميع الأصعدة، ومنها مراقبة الأداء الحكومي لتشخيص الخلل ومعالجته إن كان في التشريع أو التنفيذ من حيث الموارد والتمكين أو الوصول للخدمات أو التواصل أو في المتابعة والرقابة والجودة. يتشارك في ملف العنف الأسري عدة وزارات وهيئات حكومية وذلك بحاجة لربط وحوكمة الإجراءات وتسهيل آلية التواصل والمتابعة، كذلك فإن الحزم في معالجته ضرورة من خلال التشريعات القانونية التي تقرها وزارة العدل لحماية المواطنين والمقيمين من العنف الأسري واعتباره جريمة جنائية قبل أن تكون اجتماعية، لهذا دور وزارة الداخلية التنظيمي متمثلا في النيابة العامة هو الأساس ليبدأ منه الإصلاح والحد من العنف، فمن خلال أدواتهم المتقدمة وآلية الوصول لها ووضوح تشريعاتها يمكن للضحية أو المبلغين الوصول لهم للتدخل السريع في تأمين الحماية للمعنفة ما أمكن لبقائها في منزلها وإبعاد المعنف، أو تأمين دور حماية للمعنفات بظروف إنسانية تقوم عليها وزارة العمل والتنمية الاجتماعية وتحت رقابة هيئة حقوق الإنسان، وبالتعاون مع الجهات الصحية من تبليغ أو تأهيل لتسهيل الوصول للخدمات الحكومية التي هيأتها الدولة لحماية مواطنيها والتعامل مع العنف.