دعت وزارة الشؤون البلدية والقروية عموم المواطنين، للمشاركة في وسم «ماذا تريد من الوزارة» وأطلقت عليهم لفظ «الشركاء في تحسين وتطوير الخدمات»، وخصصت فريقا لرصد المشاركات والمقترحات بهدف الارتقاء بخدمات القطاع البلدي، وهذه البادرة التي تعتبر باكورة أعمال معالي الوزير المكلف، د. ماجد القصبي، لم تأت من فراغ، فقد احتوت رؤية المملكة على عدد من الإهداف الإستراتيجية، ومؤشرات قياس الأداء، والتزامات خاصة بعدد من المحاور، وقد تم ترجمة هذه الرؤية إلى برامج تنفيذية متعددة لتحقيق تلك الأهداف الإستراتيجية والتوجهات العامة، واستدعى ذلك إطلاق برنامج التحول الوطني كأحد هذه البرامج التنفيذية للرؤية ليكون باكورة البرامج، ويهدف إلى تحقيق التميز في الأداء الحكومي، وتعزيز الممكنات الاقتصادية، والارتقاء بمستوى الخدمات المعيشية، وذلك من خلال تسريع وتيرة تنفيذ مشاريع البنية التحتية الأساسية والرقمية، وإشراك المستفيدين في التعرف على التحديات، حيث دعا معاليه إلى إشراك المواطنين والغرف التجارية لابتكار الحلول، وتقييم الأداء. ويسعى البعد الخاص بالارتقاء بمستوى المعيشة والسلامة إلى الارتقاء بمدن المملكة لتغدو مدنا ذكية بخدمات وبنى تحتية ذات جودة عالية تحوي مساحات عامة ومسطحات خضراء، وممرات للمشاة، والإسهام في تحقيق بيئة صحية آمنة، من خلال الحد من التلوث البيئي والبصري وتحسين المشهد الحضري. ولقد حوى هذا البعد في الرؤية على 76 مبادرة بوصف محدد، ومؤشرات للقياس، وقد بادر معالي الوزير في أسبوعه الأول بتسليط الضوء على سبعِ منها، تركزت على إشراك المواطن والقطاع الخاص ومراجعة شاملة لإجراءات الخدمات والرخص، ومراجعة أنظمة البلديات، وتقييم آلية الرقابة البلدية وحوكمة المشروعات وتقويم نظام البلاغات البلدية وتحديد مؤشرات قياس لرضا المستفيدين. إن الارتقاء بجودة الخدمات البلدية، وتحسين المشهد الحضري يتطلب تنفيذ العديد من المبادرات المدرجة في الرؤية والتي تحوي، كما أسلفنا، 76 مبادرة متنوعة، تشمل جميع مفاصل العمل البلدي، وتقع مسؤولية تنفيذ معظمها على عاتق الوزارة، فعلى سبيل المثال لا الحصر، تتضمن تطوير العمل التقني بالوزارة والأمانات والبلديات، وتحسين آليات وأدوات تصميم وتنفيذ المشاريع بالجودة المطلوبة، وإشراك القطاع الخاص في إصدار الرخص وتطوير وتحديث مواصفات قياسية لتمديد شبكات البنية التحتية وتطوير أنظمة إدارة النفايات البلدية، وتحسين البيئة العمرانية في أواسط المدن، وتطوير آليات الإصحاح البيئي، وضمان الالتزام بمواصفات ومعايير رصف الطرق وتطوير برنامج وطني للتوعية البيئية والتنمية المستدامة، إلى غيرها من المبادرات التي لا يتسع المجال لذكرها. لكني أزعم أن تنفيذ مثل هذه المبادرات يتطلب تفهم المنفذين لمفهوم التخطيط الاستراتيجي ومعرفة أدواته وآلياته، ولذا يستدعي ذلك تأهيل القائمين على التنفيذ من مسؤولي وموظفي البلديات والأمانات على العمل الاستراتيجي وتفهم غاياته ومقاصده، وخصوصا القيادات وتمكينهم من تطبيق أدواته. إن عملية التخطيط الاستراتيجي تتطلب التغيير في نمط الإدارة من الأسلوب التقليدي إلى الإدارة الاستراتيجية الموجهة بالنتائج والمؤشرات، وإشراك المستفيدين وعقد الشراكات مع أصحاب المصالح المشتركة.. وهنا يجب تعزيز الثقافة التنظيمية بالعمل الاستراتيجي في الأمانات والبلديات لكي تحفز العاملين على تنفيد المبادرات الطموحة. لا شك أن تعريف القيادات البلدية بأدوات التخطيط الإستراتيجي سيسهم في التركيز على الغايات الأساسية للرؤية وتحديد الأولويات والعمل على حشد الإمكانات والموارد لبلوغها، وسيسهل في تنفيذ المبادرات المختصة بالشأن البلدي في رؤية المملكة الطموحة 2030 وتحقيق أهدافها ومؤشراتها ونجاح حوكمتها ليضحى الوطن كما أرادت قيادته الرشيدة نموذجا ناجحا ورائدا في العالم من خلال مجتمعه الحيوي واقتصاده المزهر وشعبه الطموح المعطاء.