لا ينسى العرب الاستعمار البريطاني وويلاته، وكره الإنجليز يتحول لدى بعض العرب «الشعبويين» كثيري الهياط قليلي البركة والفهم، و«فكات» أخرى من ضلاليات القومية الضريرة، إلى «جين» وراثي، تتناقله الأجيال كابرا عن كابر. ويبدو أن العرب قد كروا بهجمة «مرتدة»، فغزوا الإنجليز في عقر دارهم، «لندن» عاصمة الضباب. (ويبدو لي أن سواد العرب يلقبون لندن بعاصمة الضباب، ربما لأن العرب القدامى المبهورين لا يعرفون سواها، مع أن عواصم أوروبا الغربية كلها يخيم عليها الضباب). وظهرت بوادر الغزو العربي للندن في موضة «الدكاكين» العربية التي يسمونها صحفا أو قنوات فضائية، وتخصصت في الابتزاز وشتم الخليج العربي وقادته ونفطه وشعوبه. ومع الأسف فإن كثيرا من شتامي لندن فلسطينيون، وتخصصوا في توجيه بذاءاتهم إلى بلدان الخليج العربي مع أنها أكثر بلدان الدنيا إنعاما على الفلسطينيين، ومئات آلاف منهم يعيشون في الخليج ويبنون مستقبلهم ومستقبل أولادهم، وبعضهم لا يعيش فقط، إنما يرفل ببذخ ويتبطح في شواطئ الخليج وملاذات النخبة ومنتجعاتها. ومعظم الشتامين سعوا، كل بطريقته، للحصول على الجواز البريطاني، بهدف واحد لا غير هو استخدام الجواز أداة عدوان وشتم للخليج والخليجيين، لأنهم يعتقدون أن دول الخليج تخشى الجواز البريطاني ويتمتع حامله بحصانة خاصة، مهما تترع ببذاءاته وحقده. وفي السنوات الأخيرة، أفصح الغزو العربي لبريطانيا عن مواهب «عدوانية» جديدة لدى عرب لندن، فقد فتحوا «دكاكين» في وسائل التواصل الجديدة، يبيعون ذات البضاعة ويكيلون ذات الحشف، وتوسعوا في شتم الخليج والخليجيين وفبركوا واخترعوا قصصا ومفردات أكثر دونية. وبعضهم يعرض خدماته للبيع علنا وبلا حياء. ثم وسع العرب دوائر نفوذهم، وغزوا هيئة الإذاعة البريطانية «بي بي سي» نفسها. وبدت أعراض هذا الغزو أن العرب استغلوا مبدأ حرية التعبير، أيضا كل بطريقته، للترويج لذات بضاعة الشتم الرجعية المتخلفة. و«بي بي سي» تبدو، في مناسبات كثيرة، تتغاضى، ربما لأن بعض مديريها وبعض معدي برامجها، من ذات الصنف، و«تباريح الهوى». وأحيانا تبدو المحطة الشهيرة ميالة مسرورة متبهجة جذلى لهذا الاستغلال الفاضح. والتبرير، دائما حاضر «حرية التعبير»، وهو سيف يمتشق في كل مناسبة، مع أن حرية التعبير سلاح ذو حدين، يمكن أن يدافع عن حق ويمكن أن يستخدم أداة للعدوان والجريمة. وبدت أعراض أخرى للغزو العربي ل«بي بي سي»، وهي «الركاكة» في التحرير وأحيانا «حلمنتشية» مفزعة في صياغة التقارير المكتوبة وبث التقارير الصوتية والمرئية. ومن حتميات الاحتراف الصحفي أن الركاكة في التحرير، تصاحبها عادة «رخاوة» في تطبيق قواعد الأخلاقيات المهنية الصحفية، والقاعدة عندي، إن الصحفي إذا لم يفقه فن التحرير، فلن يحسن تطبيق الأخلاقيات المهنية، وهذا الداء اللعين يبدو، أحيانا، يلم بالمحطة الشهيرة وهو مؤشر لمهدد خطير. وإذا انتقلت أمراض ركاكة التحرير الصحفي العربية إلى بي بي سي، فاعلم أن هذا الطاعون باق ويتمدد مع الأسف ويهدد إعلام الكون. لأن «بي بي سي» من أعصى قلاع الصحافة، لكن يبدو أن العرب قهروا المارد وأوهنوه، وأثخنوا جراحه. وتر يا سيد فيافي السهب العراض.. والأقمار.. وطلوحها وواحاتها الواهبات.. والسامقات نخيلها وأثلها الهنف.. وشواطئ البحار.. والمحار.. والمقل النجلاء.. وكحلها.. وشدو الصبايا.. والغدير والغضى وسموشها والمدار.. [email protected]