جذبها حب التصميم منذ الصغر، وكبرت الموهبة، وأصقلتها الدراسة، لتصبح أول سعودية تحصل على الدكتوراة في العمارة والتشييد تخصص نمذجة معلومات البناء من بريطانيا، وهو من التخصصات الحديثة في مجال تقنيات العمارة وإدارة المشاريع، كما أنها تميزت باستخدام ثلاث نظريات أساسية ومتنوعة، هي المهندسة الجوهرة الناصر التي تمكنت من نقش اسمها في عالم العمارة، لتؤكد أن المرأة السعودية قادرة على تبوء أكبر المناصب، حيث تقول عن نفسها: «بدأ حب الهندسة لدي عندما كنت صغيرة، لاحظت انجذابي لمحلات التصميم، والأقمشة، والأثاث، وكيف يمكن أن تتحول الواجهة إلى شيء جذاب بأدوات بسيطة، وبما أني كنت أعيش في بناية تحتها أشهر محلات التصميم الداخلي، فكنت على مدار الأيام أرى هذه المحلات وما يستجد بها، إلى أن نما لدي عشقي للتصميم الداخلي». » بين ثقافتين نشأت الجوهرة الناصر في الإمارات العربية المتحدة وتحديدا العاصمة أبوظبي، فمزجت بين ثقافتين الإماراتية التي نشأت بها والسعودية التي هي ثقافتها الأم، وتقول: «أنهيت الثانوية في الإمارات، والتحقت بجامعة الشيخ زايد، وكانت رغبتي الأولى التصميم الداخلي أو الهندسة، ورفض الوالد تماما أن أدخل أحد هذين التخصصين، واستشار مرشدين أكاديميين في لجنة القبول وقالوا إن التوجه للحاسب الآلي أفضل وقبلت به، وقلت بما أن القسم متواجد بالسعودية فسأكمل دراستي هناك، ونقلت إلى جامعة الملك سعود، ودرست فصلا دراسيا واحدا فقط ثم أصيب والدي بمرض واضطر لأن يذهب للعلاج بالخارج وبما أني البنت الكبرى أوقفت دراستي ورجعت لإخوتي بالإمارات، ثم قرر والدي أن نستقر في الخبر، وتنقلي هذا جعلني أبدأ من جديد». » من الصفر وتضيف: قد يرى البعض أن البداية من الصفر تعني الفشل أو الخيبة لكنها قد تكون بداية نجاح لك، ثم قدمت لقسم التصميم الداخلي في جامعة الإمام عبدالرحمن بن فيصل بالدمام «شغفي وعشقي الأول» وأكملت دراستي في التصميم وبعد التخرج أتتني عروض عمل كثيرة، وعملت عامين في جامعة الأميرة نورة بكلية التصاميم، ثم أكملت دراستي للماجستير وأنهيتها في فترة وجيزة وكانت المناقشة على مستوى الكلية حضرها عمداء، ورؤساء الأقسام، وكانت دافعا لي لأن اكمل الدكتوراة، فأكملتها في بريطانيا، وقالوا إن هناك توجها جديدا بالعمارة وإدارة المشاريع اسمه (BIM)، ودخلت المجال عن فضول، وهذا الفضول جعلني أدرسه على ثلاث نظريات أساسية وليس نظرية واحدة فقط، واحدة من هذه النظريات الأساسية طورته إلى ثلاث نظريات فرعية، أخذ مني فهم هذه النظريات سنة كاملة متواصلة، بعد فهمها بدأت في كتابة بحثي وتخرجت كأول سعودية في هذا التخصص. » منهجية عمل وأضافت الناصر: السعودية مواكبة للعالم وهذا ما دفعني لاختيار هذا التخصص الحديث، حيث إن ال (BIN) ليس أداة ولا تقنية، إنما هو منهجية عمل، وهو إدارة جميع المعلومات الخاصة بالمبنى، تدار المعلومات من قبل عدة جهات مشتركة في بناء المشروع يطلق عليهم أصحاب المصلحة، ويخدم هذا التخصص رؤية 2030 بتوفير جودة عالية للمشاريع، وتقليل نسبة الأخطاء للمشروع، وتقليل التكلفة الزائدة لإصلاح الأخطاء، وتقليل المدة الزمنية لبناء المبنى، واختصرت عملية التخيل للشكل النهائي للمبنى لأنه سيظهر كمبنى افتراضي 3D، ومن هذا المنطلق إذا أصبحت لدي منهجية عمل في الإنشاء وإدارة المشاريع فسيكون لدي استقطاب عال، وعامل جذب لمستثمرين خارجيين، والاستقطاب العالي هذا يرفع من مستوى الاقتصاد السعودي، ويزيد من فرص العمل، ويحسن من كفاءة ممارسي المهنة السعوديين. » تمكين المرأة وتوضح الجوهرة أنه إلى فترة قريبة من الزمان كانت المهندسة السعودية لا وجود لها، ونرى اليوم مكاتب هندسة وتصميم داخلي أصحابها نساء، بمشاريع رائعة وتنفيذ جميل ومعاملة راقية، وأصبحت الحكومة تتعامل مع هذه المكاتب لدقة التنفيذ وهذا فخر لنا، لكن لفت نظري أن المهندسة السعودية بعيدة عن القيادة، حيث أغلب المناصب القيادية بالهندسة يشرف عليها مهندسون، والمرأة السعودية في عصرنا الحالي أصبحت مدعومة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده الأمين -حفظهما الله-، وأصبحت لها مكانتها واحترامها على المستوى العالمي، لم يتبق أمامها إلا أن تؤمن بنفسها وتتقدم خطوة للأمام.