لم تكن أنظار دول الخليج فقط هي التي تتجه للعاصمة الرياض في التاسع من شهر ديسمبر الجاري، بل كانت أنظار العالم أجمع تتجه وتترقب اجتماع الدورة التاسعة والثلاثين للمجلس الأعلى لمجلس التعاون الخليجي برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وما سيصدر من قرارات مصيرية بعد هذا الاجتماع السنوي الهام بين الأشقاء الخليجيين، فحرصهم على انعقاد القمة الخليجية منذ تسعة وثلاثين عاما، دليل على حرص قادة الدول الخليجية على وحدة الصف الخليجي والحفاظ على ما حققه المجلس من إنجازات كان لها أثر كبير في تحقيق التطور والرخاء والنماء والأمن على مدى العقود الماضية والمضي قدما في تحقيق المزيد من الإنجازات. مجلس التعاون الخليجي (المملكة العربية السعودية، دولة الإمارات العربية المتحدة، مملكة البحرين، دولة الكويت وسلطنة عمان) بعد أن انشقت (دولة قطر عن البيت والوحدة الخليجية) يمثل تجسيدا جليا لمدى عمق الترابط الرسمي والشعبي على كافة المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية وما قدرة المواطن الخليجي على التنقل بين دول الخليج بهويته الوطنية لهو أكبر دليل على ان شعوب دول مجلس التعاون هي كيان واحد ويعامل الخليجي وكأنه مواطن في كل دولة خليجية، فعمق الروابط الدينية والاجتماعية والاقتصادية والتجارية والثقافية شاهدة وحاضرة، فلقد شاهدنا حراكا ثقافيا كبيرا مستمرا بين جميع الدول الخليجية من خلال إقامة المؤتمرات والندوات والمعارض الثقافية والدورات التدريبية. اجتماع الإخوة القادة فيما بينهم لمناقشة شؤون بيتهم الخليجي في كل المجالات الأمنية والسياسية والاقتصادية والقانونية والدولية وما طرأ عليها من مستجدات كالتدخل الإيراني السافر في المنطقة وتهديداتها الأمنية فيها وملف الأزمة اليمنية من خلال إنشاء التحالف العربي لمواجهة الحوثي المدعوم من إيران ولاستعادة ودعم الشرعية باليمن بقيادة ملك الحزم والعزم، وأيضا القضية السورية والفلسطينية والتصدي للحملات المغرضة والشرسة، فمساعي دول الخليج إيمانا منها بأن المصير مشترك ظلت وستظل تتواصل على مر السنوات لتعزيز الاستقرار في كل المجالات السياسية والاقتصادية وعلاقتها بجميع الدول، هذا التوافق وتوحيد الكلمة فيما بينهم يسير بدول الخليج إلى بر الأمان في ظل الصراعات التي تحاصر المنطقة من كل مكان وصمود الخليج في وجه كل تلك الأمواج العاتية بكل ثبات والتحام الشعوب بقياداتها، فالسياسات الخليجية الموحدة بين كافة دول المجلس ومواقفهم الثابتة تجاه القضايا الإقليمية والعالمية جعلت من دول الخليج مكانة وقوة ليس فقط بالمنطقة بل في العالم أجمع. انعقاد القمم مع القادة القمم وما تضطلع به المملكة العربية السعودية من مكانة مرموقة إقليميا وعالميا وما تتمتع به من ثقل عربي وإسلامي بقيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- وهي تقود تحالفا عربيا هو دائما ما يصب في مصلحة دول الخليج ومواطنيها ومقيميها إضافة إلى الخير الذي يعم على المنطقة والأمتين العربية والإسلامية بأكملها وليس منطقة الخليج فحسب، كون المملكة تمثل قلب العالم الإسلامي فهي حاضنة للحرمين الشريفين وقبلة الإسلام والمسلمين كافة، فهي لا تألو جهدا في سبيل المحافظة على استقرار واستتباب الأمن وتسخر كل إمكانياتها لتحقيق هذا الهدف، فالمملكة كانت وما زالت داعمة للأشقاء العرب والمسلمين في كل أنحاء المعمورة.