أكد عميد السلك الدبلوماسي السفير الجيبوتي لدى الرياض ضياء الدين بامخرمة، أن المملكة العربية السعودية تتعرض لحملات إعلامية شرسة ومغرضة ومضللة، ولكن الرياح لا تهز الجبال كما شبه سمو ولي العهد شعبه بقوة شموخ جبل طويق. وقال السفير بامخرمة في حوار مع «اليوم»: إن مجلس التعاون لدول الخليج العربية قام على ركائز رئيسية تتمثل في العمل المشترك ووحدة المصير، لذلك تجيء القمة للتأكيد على أن الشعب الخليجي كالجسد الواحد وأن قياداته ملتزمة دائما بالعمل الخليجي المشترك، وحريصة على مسيرة المجلس ووحدته وتطوره، مشيرا إلى أن الواقع حتم على دول الخليج حمل عبء تحقيق الاستقرار في المنطقة والوطن العربي بشكل عام. وأعرب عن أمله أن تتمخض المحادثات عن حلول للمأساة السورية التي طال أمدها، والتعجيل بوقف النار في أدلب. ولمعالجة المسألة اليمنية شدد على مخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن «2216». - كيف تنظرون لعقد القمة الخليجية بالمملكة بحضور زعماء دول الخليج؟ قام مجلس التعاون لدول الخليج العربية على ركائز رئيسية تتمثل في العمل المشترك ووحدة المصير لهذه الدول الشقيقة، وانعقاد دورته الحالية في الظهران يأتي في هذا الإطار ويؤكد أن الشعب الخليجي كالجسد الواحد وأن قياداته ملتزمة دائما بالعمل الخليجي المشترك، وحريصة على مسيرة المجلس ووحدته وتطوره. وترتبط جمهورية جيبوتي بدول مجلس التعاون الخليجي بعلاقات أخوية وثيقة وقديمة قدم التاريخ، وتلك علاقات تعتمد على أسس التعاون والدعم المستمر في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والخدماتية، فجيبوتي تمثل القنطرة الطبيعية التي تربط القرن الإفريقي بالجزيرة العربية، وهي البوابة الشرقية لقارة إفريقيا، كما تتميز بموقعها الجغرافي المتميز المطل على مضيق باب المندب ذي الأهمية الكبيرة سياسيا واقتصاديا، وتلك عوامل تفرض على الجانبين (مجلس التعاون لدول الخليج العربية ودول القرن الإفريقي) دائما التعاون والتنسيق في مختلف المجالات. فجمهورية جيبوتي ظلت على علاقات متينة مع الدول الشقيقة في الخليج، وإن كانت صلاتها مع الشقيقة الكبرى، المملكة العربية السعودية، أكثر متانة وعمقا بحكم القرب الجغرافي والريادة الاستثنائية التي تتمتع بها بلاد الحرمين الشريفين على المستوى العالمي، فضلا عن دعم المملكة المستمر لشقيقتها جمهورية جيبوتي منذ ما قبل نيل جيبوتي استقلالها وحتى يومنا هذا. - كيف ترى أهميتها في بناء اللحمة الخليجية وتواصل انعقادها على مر السنوات؟ انتظام عقد القمم الخليجية دليل قوي على حرص قادة الدول الخليجية على وحدة الصف الخليجي والحفاظ على ما حققه المجلس من إنجازات كان لها بالغ الأثر فيما تحقق في الدول الأعضاء من تطور ونماء ورخاء ورفاهية خلال العقود الأربعة الماضية، وكذلك المضي قدما في تحقيق المزيد من الإنجازات. وظل هذا المجلس منذ إنشائه عام 1981م تجمعا إقليميا استثنائيا في وحدته وتماسكه والتجانس الشديد بين شعوبه ورمز وحدة وتضامن يحتذى به، وذلك راجع إلى ما تتميز به دول مجلس التعاون من عمق الروابط الدينية والثقافية والتمازج الأسري بين مواطنيها، إضافة إلى حكمة قياداته وحنكتهم السياسية، ونأمل أن يظل هذا المجلس شامخا موحدا كما كان طوال سنوات عمره، كما نرجو للأشقاء في الخليج العربي المزيد من التقدم والتلاحم والازدهار. - يشكل الخليج ثقلا في الشرق الأوسط.. ما مدى تأثير ذلك في استقرار المنطقة؟ الخليج لا يشكل ثقلا في الشرق الأوسط فحسب، وإنما يمثل رأس وقلب الشرق الأوسط والعالم العربي والإسلامي، ولهذا فإن على عاتق الأشقاء الخليجيين مسؤوليات وأعباء جمة لتحقيق الاستقرار في المنطقة والوطن العربي بشكل عام. ويكفي أن الخليج يضم الشقيقة الكبرى ورأس العرب وقبلة الإسلام والمسلمين المملكة العربية السعودية التي لا تألو جهدا في سبيل الحفاظ على استقرار المنطقة والعالم العربي بشكل عام، وتسخر إمكانياتها لتحقيق هذا الهدف النبيل. - هناك العديد من القضايا العربية الشائكة.. من وجهة نظرك كيف ترى معالجة تلك المواضيع مع زعماء دول الخليج؟ ثقتنا كبيرة بحكمة قادة الخليج، وهم بلاشك قادرون على تجاوز أي مسألة شائكة تعترض طريق الإنجازات، وإن التعاون الوثيق الذي بلغ أشده وأوشك أن يبلغ الأربعين لكفيل بذلك. - قضية (سوريا - اليمن ).. من وجهة نظرك إلى أين تسير هاتان القضيتان؟ على وقع الجولة الحادية عشرة لمحادثات أستانة للسلام، التي تبحث محاور أبرزها: انتهاكات إيقاف إطلاق النار في إدلب، ولجنة صياغة الدستور، فإننا نأمل أن تتمخض المحادثات عن حلول للمأساة السورية التي طال أمدها. وأكرر هنا بأن الحل الوحيد للمسألة السورية هو الحل السياسي الذي يحقق تطلعات الشعب السوري الشقيق، ويعتمد مقومات الحفاظ على وحدة البلاد ويصون استقلالها ويعيد لها الأمن والاستقرار. وفيما يتعلق بالشأن اليمني فإننا نشدد على أن حل المسألة اليمنية يجب أن ينطلق من المرجعيات الثلاث (المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية، ومخرجات الحوار الوطني الشامل، وقرار مجلس الأمن «2216»)، وتلك مرتكزات كثيرا ما نادت بها الحكومة الشرعية في وجه تعنت الميليشيات الانقلابية، كما نتمنى من المجتمع الدولي أن يضع نصب عينيه أن هناك أكثرية عظمى للشعب اليمني تمثله الحكومة الشرعية برئاسة فخامة المشير عبدربه منصور هادي بينما الأقلية الانقلابية هي ضئيلة ولا يجب أن توضع على قدم المساواة مع الشعب اليمني. الأمر الآخر ما يعيشه الشعب اليمني من سوء سببه الانقلاب الغاشم الذي تسبب في الكارثة، وما تدخل التحالف إلا لإنقاذ الشعب اليمني الشقيق بدعوة من الشرعية، والعدوان هو الانقلاب المدعوم خارجيا من إيران ماديا وسياسيا لإحداث بؤر عدم استقرار في العالم العربي. - المملكة ظلت تقف مع الأشقاء العرب والمسلمين في كل أنحاء المعمورة.. حدثنا عن ذلك؟ كانت المملكة العربية السعودية وما زالت داعمة للأشقاء العرب والمسلمين، فأياديها البيضاء ودعمها السخي في كل مكان، ولا يوجد مجال إغاثة إنساني إلا وللمملكة باع طويل فيه. ناصرت قضية فلسطين والشعب الفلسطيني على مر التاريخ، ودعمت لبنان في مختلف مراحله، وساندت الشعب السوري للخروج من أزمته، ووقفت إلى جانب كل بلد شقيق وصديق -ولا تزال-، وهذا ليس بمستغرب فهي مملكة الخير والعطاء والنبل والإحسان. ومن هذا المنطلق لبت المملكة نداء الحكومة الشرعية لإنقاذ اليمن من عبث الميليشيات الانقلابية فأطلقت عملية عاصفة الحزم، ومن بعدها إعادة الأمل. وفي هذا السياق، أود الإشارة إلى أن جمهورية جيبوتي ساندت الشرعية اليمنية فور حدوث الانقلاب، وذلك بإرسال رسالة خطية من فخامة رئيس الجمهورية السيد/ إسماعيل عمر جيله إلى أخيه فخامة الرئيس عبدربه منصور هادي، أوصلها إلى عدن عقب حدوث الانقلاب في صنعاء السفير الجيبوتي لدى الجمهورية اليمنية آنذاك؛ للتأكيد على وقوف جيبوتي الدائم إلى جانب الحكومة الشرعية في اليمن، كما بادرت جمهورية جيبوتي إلى الانضمام للتحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن بقيادة المملكة العربية السعودية، واستقبلت آلاف النازحين اليمنيين وأكرمت نزلهم على أنهم أشقاء منكوبون في بلدهم ولم تعتبرهم لاجئين، وتقديرا لما فرضه نزوح اليمنيين من أعباء مادية على جيبوتي المستضيفة، بادرت المملكة العربية السعودية الشقيقة لدعم شقيقتها ومساعدتها على استضافة الهاربين من نيران الحرب اليمنية لتسهم بذلك في تجهيز الخيام والغذاء والعيادات الطبية اللازمة إلى جانب تقديم الدعم المادي لتيسير أمور اللاجئين. ومطلع نوفمبر المنصرم، تم تدشين القرية السعودية للاجئين اليمنيين في مدينة أبخ شمال جيبوتي، بدعم سعودي من خلال «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية». وتضم القرية، التي دشنها كل من وزير الداخلية في جمهورية جيبوتي السيد/ حسن عمر محمد، والمستشار بالديوان الملكي المشرف العام على المركز الدكتور/ عبدالله الربيعة، 300 وحدة سكنية، ومسجدا، ومدرسة، وعيادتين طبيتين مزودتين بأجهزة رعاية أولية. - من خلال عملكم الدبلوماسي في المملكة.. كيف ترى هذا الهجوم الشرس على المملكة؟ الحملات الإعلامية الشرسة التي تتعرض لها المملكة العربية السعودية مغرضة ومضللة، ولكن الرياح لا تهز الجبال كما شبه سمو ولي العهد شعبه بقوة شموخ جبل طويق. وللتأكيد، سبق أن تعرضت المملكة لهجمات أشد وتجاوزتها بفضل الله ثم بحنكة وحكمة قيادتها، مما يعني أن الحملات الراهنة ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، ولكنها بالتأكيد لن تنجح في النيل من مكانة المملكة وريادتها، فهي الشقيقة الكبرى ورأس العرب وقبلة الإسلام والمسلمين، ومن يستهدفها فإنه يستهدف العروبة والإسلام. وأؤكد هنا ثقتنا الكبيرة بالدبلوماسية السعودية العريقة وما تتميز به من حكمة وحنكة ووقار وقدرة فائقة على مواجهة الأزمات بكل اقتدار. وجمهورية جيبوتي تقف دائما إلى جانب شقيقتها الكبرى المملكة العربية السعودية ضد أي اعتداء يستهدفها، ومن هذا المنطلق بادرت جيبوتي بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع إيران إثر الاعتداء الذي تعرضت له سفارة المملكة في طهران والقنصلية السعودية في مشهد عام 2016م، كما أعربت جمهورية جيبوتي في أكثر من مناسبة عن تضامنها مع المملكة ضد أي تدخل في سيادتها. - لماذا تتجه أنظار العالم كافة إلى المملكة في كل قضية؟ المملكة العربية السعودية تتمتع بريادة استثنائية وثقل عربي وإسلامي وعالمي، فهي حاضنة الحرمين الشريفين وقبلة الإسلام والمسلمين، إضافة إلى أهميتها الاقتصادية والسياسية على المستوى العالمي. وأدوار المملكة المشرفة ومبادراتها السباقة إلى كل ما فيه مصلحة العالم الإسلامي والوطن العربي والسلم الدولي جعلتها محط أنظار العالم؛ لأن الجميع يعول عليها كثيرا بسبب مكانتها الاستثنائية، وعلى سبيل المثال أسهمت المملكة في تأسيس تجمعات ومنظمات إسلامية وعربية وإقليمية مهمة، وخير شاهد على ذلك أدوارها في كل من تأسيس وتمويل منظمة التعاون الإسلامي وجامعة الدول العربية ومجلس التعاون لدول الخليج العربية، إضافة إلى إسهامها في تأسيس وتمويل منظمة الأممالمتحدة. - صف لنا ما ترى من تقدم في المملكة وخطواتها الثابتة والكبيرة نحو رؤية 2030؟ إن رؤية 2030 التي يشرف عليها شخصيا صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع رئيس مجلس الشؤون الاقتصادية والسياسية، مشروع طموح يستند إلى أرضية علمية دقيقة وخطط وركائز متينة من شأنها أن تحقق المزيد من التطور والرفاهية للمملكة العربية السعودية وطنا وإنسانا. وعند إلقاء نظرة على ما تحقق من محاور الرؤية منذ انطلاقها في 2015م، تستوقفك برامج عملاقة من بينها: برنامج تحقيق التوازن المالي الذي أقر في ديسمبر 2016م، من أجل تحقيق التوازن المالي عبر خمسة محاور رئيسة هي: رفع كفاءة الإنفاق الرأسمالي والتشغيلي، تصحيح أسعار الطاقة والمياه، تنمية الإيرادات الحكومية الأخرى، إعادة توجيه الدعم للمستحقين (برنامج حساب المواطن)، ونمو القطاع الخاص. وهناك أيضا برنامج «التحول الوطني 2020» الذي أطلق في 6 يونيو 2016، بهدف دعم الشفافية داخل المملكة، وتحقيق رؤية المملكة 2030، وخلق تحول إيجابي سواء على المستوى الاقتصادي أو الاجتماعي. وكما أكد سمو ولي العهد في تصريحات إعلامية فإن الاستثمارات في السعودية زادت خلال الربعين الأولين من عام 2018م بنسبة 90%، كما أوضح خلال حديثه في مؤتمر مستقبل الاستثمار الذي أقيم بالرياض في 23 أكتوبر الماضي، أن الإيرادات غير النفطية للدولة تضاعفت بنحو ثلاث مرات في ميزانية المملكة، مما يعني أن رؤية 2030 ماضية في تحقيق أهدافها وفق ما خُطط له، وأن المملكة مقبلة على نقلة نوعية في هذا الصدد. وقد شملت الإنجازات خلال الفترة الوجيزة التي مرت على إطلاق رؤية 2030 مجالات عدة منها الاجتماعية والاقتصادية، على أن القادم أجمل وأكثر ازدهارا في بلاد الحرمين الشريفين. السعودية تتمتع بريادة استثنائية وثقل عالمي المملكة تتعرض لحملة مغرضة والرياح لا تهز الجبال رؤية 2030 تستند على أرضية علمية دقيقة وركائز متينة القمة تؤكد أن الشعب الخليجي كالجسد الواحد