العالم من حولنا في حالة حركة وتقدم مستمرين، وإن لم نع ذلك جيدا ونسايره بالجهد والإنجاز فإننا ربما نظل فيما نحن فيه من اعتماد على مصدر وحيد للطاقة. هذا ما أدركه جيدا ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، فمنذ توليه المسؤولية أشرقت شمس المستقبل على المملكة ولاحت من بعيد آمال كثيرة وأحلام عظمى خطتها يداه، لعل أبرزها على الإطلاق مشروع نيوم الذي تؤمل عليه المملكة في نقل ميزانيتها من اعتمادية شبه تامة على عوائد النفط إلى اعتمادية متنوعة المصادر والموارد، وبالتالي خطو رشيد إلى عصر جديد تكون فيه السعودية ذات أبعاد اقتصادية وحضارية متكاملة. نيوم اسم اشتق جزؤه الأول من الكلمة اللاتينية Neo والتي تعني جديدا، بينما الشق الثاني فهو الحرف الأول من الكلمة العربية «مستقبل» وبجمع الشقين يخرج لنا اسم متكامل للمشروع وهو المستقبل الجديد، وبالفعل نيوم بما يحويه من استثمارات ضخمة بلغت نحو نصف تريليون دولار أمريكي وما يحويه كذلك من تنوع شديد على المستوى الاقتصادي حيث مشاريع جزئية متعلقة بالطاقة والسياحة والأبحاث والزراعة، نيوم بكل هذه التفاصيل والاستثمارات والتنوع هو المستقبل الحقيقي للمملكة العربية السعودية والذي لأجله تحارب على كافة الأصعدة إلا من جهات كثيرة معادية في عرقلته وإبطال إنجازه، لكن هيهات أن تتوقف عجلة الوطن عن التقدم إلى الأمام. مشروع نيوم هو الغد الذي تختلف فيه طرائق الحياة والمعيشة والصناعة والزراعة وكافة المجالات إلى طرق أخرى حديثة ومطورة، طرق تحتاج منا كشباب أن نهيئ أنفسنا من الآن بأن نسعى جاهدين لامتلاك المعرفة والعلم في تخصصاتنا المختلفة، وذلك بالقدر الذي يسمح لنا لاحقا أن نكون أهلا لشغل الوظائف الكثيرة والمتنوعة التي سيوفرها مشروع نيوم في قادم السنوات. المستقبل المشرق لنيوم يتوافر فيه عديد من العوامل؛ لعل أهمها هو موقعه الإستراتيجي المميز على ساحل خليج العقبة، إذ ذلك الموضع تكمن أهميته في كونه يمر منه 10% من نسب التجارة العالمية، فضلًا عن ذلك فإن المكان الوسيط لنيوم الذي ترتبط فيه آسيا بأفريقيا وذلك بعد إقامة جسر الملك سلمان بين مصر والسعودية، ذلك المكان الوسيط يوفر وصولا لنحو 70% من سكان العالم إليه في نحو 8 ساعات فقط، الأمر الذي يعزز من جعله مستقبلًا مركزا اقتصاديا عالميًا نابضًا بكم هائل من الاستثمارات يتوقع لها أن تدر على المملكة بداية من 2030 نحو 100 مليار دولار سنويًا. لم تضن الحكومة على المشروع الجديد بل رصدت له ميزانية ضخمة غير مسبوقة، وجعلت من نيوم مشروعا عابرا للحدود حين أسست لشراكة مع الجانب المصري وشراكة أخرى مع الجانب الأردني لتكون ل نيوم امتدادات إضافية على أراضيهما، لذلك وعبر هذه النوايا والجهود المخلصة والتخطيط التفصيلي الفائق الاحترافية من مسؤولينا وقادتنا؛ حتما ودون شك سنعبر إلى الأمام؛ إلى عالم يكون فيه الغد مختلفا تماما بشكل إيجابي عن اليوم والأمس.