من الصعب على أي منشأة أو هيئة أن تنجح دون وضع هيكل تنظيمي سلس وخطة إستراتيجية قابلة للتطبيق، وكذلك دون استقطاب كوادر مؤهلة وذات كفاءة عالية، إلا أنه لا يمكن لأي منظمة أن تستقر وتستمر -حتى مع توافر ما سبق- دون وجود نظام فعال للحوكمة. وحوكمة الشركات هو نظام تجاري مرادف (للحكومة) ويشمل كافة الأطر والمعايير التنظيمية والمحاسبية، التي تنظم العلاقة بين الشركة وعملياتها التشغيلية من جهة وبين الأطراف الأخرى ذات العلاقة من جهة أخرى. وهناك لبس كبير وسوء فهم لدى الكثير من الاقتصاديين والإداريين لمفهوم (ذات العلاقة)، الذي يراه الكثير على أنه يشير إلى ال (Shareholders) أو حملة الأسهم فيما واقع ومضمون الحوكمة الفعلي يتضمن معنى أشمل وأعم وهو ال (Stakeholders) وهم كافة أصحاب المصالح المرتبطين بالمنشأة داخليا مثل الملاك وكبار التنفيذيين والموظفين على وجه العموم، وخارجيا التي تشمل العملاء الموردين والدائنين وأي جهات لها ارتباط بعمليات المنشأة. ومفهوم الحوكمة خرج تاريخيا من رحم الأزمات الاقتصادية، التي ضربت العديد من الدول والشركات المؤثرة فيها، وجاء نتيجة لسوء استخدام السلطة التنفيذية، ولخلق نظام مساءلة عادل يتجاوز كل أبعاد النفوذ التي يتمتع بها الأشخاص أو الكينونات المرتبطة بالمنظمة. ويعد نظام الحوكمة معيارا لمدى الشفافية والالتزام بالمعايير المهنية للدول؛ لما يمثله من حماية للمستثمرين وللنظام الاقتصادي بشكل عام، ولذلك شرعت المملكة من خلال الوزارات والهيئات الحكومية في تبني هذا الفكر وتعزيزه من خلال التدرج في تطبيق الحوكمة بأفضل أشكالها وبالأخص في القطاع الخاص، وما زال أمامنا الطريق متاحا للتوسع في ذلك؛ نظرا لما له من مردود اقتصادي هائل على المدى البعيد. harbimm@