أصبحت المحاضرات التي تتحدث عن السعادة الإيجابية والتفاؤل أكثر من المحاضرات التي تنمي العقل، أصبح البحث عن غذاء الروح أكثر من البحث عن غذاء العقل والفكر الذي أصابه الشلل بغياب غذاء الروح. منذ الأزل اتصلت الروح بالعقل والحياة بالفكر وحين يغيب أحدهما يغيب الآخر وهذا محال أن يختلف فيه اثنان.. والدليل على ذلك أنه بمجرد الإنجاز لأمر جديد أو التفوق في الدراسة أو تعلم أمر جديد تجد العقل مستريحا والنفس سعيدة والروح في أرقى حالاتها النفسية. لذلك تجد رواد هذه المحاضرات ممن عطلوا العقل وأصبح شبه متوقف فأصبحت الروح خاوية تبحث عن السعادة في مكان خاطئ. من هنا أصبح الإتجار بالروح من خلال هذه المحاضرات المنتشرة التي يشعر المرء من خلالها أنه أصبح فوق السحاب وأنه قد وجد ضالته، وفي الحقيقة هو لم يخرج منها إلا بشعارات رنانة تنتهي بمجرد مرور وقت قصير، ليخرج باحثا عن محاضرة أخرى، ليعيد شحن طاقته مرة بكلام جديد وشعارات جديدة مسلما عقله للكل حتى يحشوه بما يريد من عبارات قد تفسد عليه هذه الروح بدل أن تحييها. لذلك لا بد أن يسأل المرء نفسه أين يكمن الخطأ هنا؟ هل هو في أسلوب الحياة، في الصحبة، في طريقة العيش، في الرغبات، فيمن حولنا من أقارب؟ ومن ثم توقف. لأن الإجابة تكمن في عقلك وتأبى أن تفصح عنها لأنها قد تؤلمك. وهي بكل بساطة. الخطأ منك لا ممن حولك. كل إنسان يعلم ما له وما عليه ويعلم ما يريد ويعلم إلى أين يريد الوصول ويستطيع أن يصل لهذا الأمر بنفسه دون الحاجة لتسليم عقله لمن لا يهمه إلا أن يتصدر قائمة رؤوس الأموال. لذلك كن القائد لا تكن المقود للبعض. لا تسلم عقلك وروحك لمن لا يهتم لأمرك. لا تبحث عن السعادة بعيدا وهي أقرب مما تتصور. ابحث عنها أولا بقربك ممن خلقك وهو يعلم سبحانه أن سعادتك في عبادتك له وهي الأصل، ومن ثم ابحث عنها في برك لوالديك وفي أداء ما عليك من واجبات وحقوق، ومن ثم أكثر من ساعات الخلوة وفكر في كل شيء حولك، ابحث عن الإجابات، ابحث عن ذاتك، ابحث عن ماذا تريد ولماذا تريده، اقرأ كثيرا، اجعل العقل يتغذى حتى ترتقي الروح عن كل كائن يريد أن يعطلها، لا تعتمد على الغير أبدا في أي قرار في حياتك. وأخيرا.. وبكل بساطة (كن أنت.. وأنت فقط) لا تتغير لا تجامل. لا تحابِ. لا تستخدم طرقا ملتوية للوصول لما تريد، لا تعطي أحدا أكبر من حجمه ولا مكانته، بل اعط كل ذي حق حقه.