أبهجتني شخصيا الأنباء الإيجابية الواردة حول الزيارة التي قام بها وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سعود بن نايف لثلاث دول إسلامية في آسيا وهي طاجيكستان وكازاخستان وأذربيجان. وسبب بهجتي أنني أعتقد أن العالم الإسلامي هو رصيد السعودية الأساسي في بنك الخريطة السياسية للعالم، ولا أود أن أرى غيرنا يسحب من هذا الرصيد. لقد نجحت هذه الزيارة التي قام بها الأمير الشاب، ابن الأمير والدبلوماسي المعروف، وحفيد الرجل الذي أمضى كل عمره في خدمة بلاده، نجحت في إبراز السياسة السعودية التي ترتكز على رصيدها في العالم الإسلامي، لضمان وحدته، ونجاح الجهود التي تقودها المملكة في التقارب بين دول العالم الإسلامي، ومكافحة الإرهاب بكافة أشكاله. السعودية يجب ألا تبتعد عن العالم الإسلامي، ولا تفرط في دورها القيادي؛ كونها الدولة الوحيدة التي تمتلك الشرعية الحقيقية لقيادة دول المليار مسلم، نظرا لأنها مهد الإسلام، وموطن مقدسات المسلمين، ووريثة الحيز الجغرافي الذي انطلقت منه الدعوة الإسلامية، ورجالاتها، وحكمت العالم لأكثر من ستة قرون. العالم الإسلامي دون المملكة لن يكون سوى دول متفرقة دون رأس جامع، وهنا تظهر القيادة للعالم الإسلامي على أنها واجب وليس مجرد رغبة. ومصداقية قيادتها نابعة من كونها لم تستغل الحرمين لأي حدث سياسي منذ تأسيسها. لدى السعودية مصداقية في استمرار لعبها هذا الدور؛ كونها الحكومة التي تفرغت لحماية الحرمين، وبنائهما، دون أن تتورط في مشروع يستغل الدعوة الإسلامية لأي هدف سياسي. كل المسلمين - وإن كان البعض على خلاف مع المملكة - هم موضع ترحيب لزيارة الأماكن المقدسة في مكة والمدينة. هذا هو سر ريادة السعودية للعالم الإسلامي، ومصداقية دورها. الأدوار لا تُطلب، ولا يمكن لأي أحد أن يستدعي التاريخ لمجرد رغبته في لعب دور. لقد مر على العالم الإسلامي العشرات من «قادة المايكروفونات» الذين كان لديهم حلم قيادة العالم الإسلامي. كلهم ذهبوا دون ذكر، وبقيت السعودية تقود العالم الإسلامي، برغبته قبل رغبتها، ويعتز ملكها بكونه خادما للحرمين الشريفين، وتفتح للأماكن المقدسة وخدمتها الميزانيات دون بهرجة ولا مزايدة. يعاني العالم الإسلامي حاليا من صدام بين الحداثة والتخلف، بين النُظم المتطلعة للمستقبل، وبين تلك التي تريد حبس شعوبها في الماضي، وبين حكومات ترغب في التنمية، وحكومة تريد «عنترة» الخطاب الإسلامي وتحويله إلى سلاح لتحقيق أهدافها. ولعل الأخيرة هي السائدة، وهو الأمر الذي لا تقبله المملكة بأي حال من الأحوال، فالإسلام وسيلة خلاص وإخلاص لرب العالمين، واستغلاله في أمور دنيوية أمر مخجل ومعيب. علينا ألا نفقد خيط وصالنا واتصالنا بشعوب دول العالم الإسلامي. ورغم وجود خلافات مع بعض تلك الحكومات، فإن علاقاتنا مع الدول والشعوب الإسلامية لابد وأن تستمر. بالطبع هنالك من يريد أن يبعد السعودية عن العالم الإسلامي، ويبعد العالم الإسلامي عن السعودية. ورغم اختلاف الأهداف، والأسباب، إلا أنه مستحيل، في ظل وجود ملك يعتز بأنه خادم للحرمين.