بعد ستة أشهر من إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب انسحاب بلاده من الاتفاق النووي مع إيران، ستسعى الولاياتالمتحدة اعتبارا من بعد غد الإثنين لخنق اقتصاد نظام الملالي عبر عقوبات واسعة النطاق ستثبت مدى فعاليتها في مقبل الأيام، بعد أن حققت الحزمة الأولى المعادة في 7 أغسطس أهدافها. » تعهد بالضغط وتعهدت الولاياتالمتحدة بوقف جميع مبيعات النفط المرتبطة بإيران، التي يعد الخام بين صادراتها الرئيسة، حتى يصل إلى «الصفر»، بجانب تعليق التعاملات المصرفية الدولية معها، معيدة بذلك فرض عقوبات رفعها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما تماهيا مع سياسته المتسامحة مع طهران، ما أدى لتوفير أكثر من مائة مليار دولار كانت مجمدة لتضخ في خزانة الملالي، الذين بدورهم غذوا بها الجماعات المتطرفة والميليشيات في اليمن ولبنان والعراق وسوريا، وهددوا استقرار وأمن المنطقة برمتها. لكن أمورا كثيرة تغيرت منذ استهدفت إدارة أوباما الاقتصاد الإيراني في 2012. وحظي الرئيس الأمريكي السابق بدعم دولي ولو على مضض في بعض الأحيان، عندما وضع هدف إعادة إيران إلى طاولة المفاوضات لوقف برنامجها النووي، نصب عينيه. » نجاح أمريكي وتقول الخبيرة في الشأن الإيراني من المجلس الأطلسي في واشنطن، باربرا سلافين: لسنا في العام 2012، نحن أمام إدارة ترامب التي تحاول الضغط على المجتمع الدولي للالتزام بسياسة لا تقبل بها معظم الدول، وأضافت: نجحت الولاياتالمتحدة بتخويف الشركات الرئيسة، تسببت العقوبات بأذى كبير. وسعى الاتحاد الأوروبي جاهدا لحماية شركاته التجارية، التي تعمل في إيران، فأعلن عن خطط لوضع إطار قانوني يمكّن من تجنب العقوبات، رغم أن عددا قليلا من الشركات الرئيسة بدا مستعدا للمخاطرة بالتعرض لعقوبات تفرضها أكبر قوة اقتصادية في العالم. وأصدر وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو في 21 مايو قائمة مؤلفة من 12 طلبا تتجاوز البرنامج النووي، الذي ركزت عليه الاتفاقية المبرمة في عهد أوباما، شملت وقف إيران لتطوير الصواريخ ذات القدرات النووية والكف عن الأفعال التي تهدد جيرانها. » انسحاب وتخلٍ وتتضمن مطالب بومبيو أيضا دعوة إيران إلى الانسحاب من سوريا، حيث تدعم بشار الأسد، إضافة إلى التخلي عن دعمها لحماس وميليشيات حزب الله اللبنانية، كما أصر بومبيو كذلك على ضرورة إنهاء طهران دعمها للحوثيين في اليمن، الذين يواجهون التحالف العربي لاستعادة شرعية البلاد بقيادة المملكة ودعم واشنطن. وعبر «تويتر»، أشار وزير الخارجية الأمريكي مؤخرا إلى أن صندوق النقد الدولي يتوقع انكماش الاقتصاد الإيراني بنسبة 3.6% العام المقبل، وقال: هذا ما يحصل عندما يسرق النظام الحاكم من شعبه ويستثمر في الأسد بدلا من خلق الوظائف للإيرانيين، إنهم يخربون الاقتصاد. ولدى جون بولتون، مستشار ترامب للأمن القومي، علاقات قوية بالمعارضة الإيرانية -مجاهدي خلق- الموجودة في المنفى. » حالة ذعر ويرى دبلوماسي غربي تحدث ل«فرانس برس»، أن إيران أكثر اعتمادا على العالم الخارجي مما يعتقد أتباع تيارها المحافظ. ويقول: في الحقيقة، هناك إشارات على بدء حالة ذعر جراء النقص في الدواء، نتجه مجددا إلى اقتصاد الحرب القديم الخاضع لرقابة مشددة. وبطبيعة الحال لا تحظى طهران بكثير من الأصدقاء كذلك، وإن كان لديها، فلابد أنهم يعيدون التفكير في تلك العلاقة الآن، فالدنمارك وقبلها فرنسا اتهمتا وكالات استخبارات نظام الملالي بالتخطيط لهجمات على معارضيهم في أوروبا. ويقول علي فائز من مجموعة الأزمات الدولية: تمكن الإيرانيون من مواصلة دعمهم لمقاتلين وحلفاء إقليميين على مدى 40 عاما، ويضيف: إن إدارة ترامب تعتقد أن نفوذ إيران سيتلاشى، وأعتقد أن معظم أعضاء فريقه الأمني مهتمون أكثر إما بزعزعة استقرار إيران أو ضمان تغيير النظام في طهران. » يومان للتنفيذ وستدخل العقوبات، التي أعادت واشنطن فرضها على قطاع النفط الإيراني الحيوي حيز التنفيذ يوم الإثنين الموافق 5 نوفمبر الجاري. ومع تخلي الولاياتالمتحدة عن الاتفاق النووي الإيراني الموقع في 2015، شدد ترامب وكبار مستشاريه على أن إعادة فرض العقوبات الاقتصادية على إيران هو جزء من حملة لوضع «أقصى قدر من الضغط» على النظام لإجباره على تغيير سلوكه على عدة أصعدة. ومن بين العقوبات المطروحة، إدراج نحو 25 مصرفا إيرانيا فرضت عليها عقوبات من قبل في قائمة سوداء بما يدفع نظام سويفت للتحويلات المالية والمعاملات بين البنوك ومقره بروكسل، إلى وقف التعامل معها بما يضيف المزيد من العراقيل أمام تجارة إيران مع العالم. » تحايل طهران وعندما تخلى ترامب عن الاتفاق النووي وعد بفرض «أعلى مستوى من العقوبات الاقتصادية» على إيران قائلا: إن هذا سيجعلها ترغب في إبرام اتفاق جديد، وأضاف: عندما يريدون ذلك.. فأنا جاهز ومستعد وقادر. ورجح ريتشارد نفيو، وهو مسؤول أمريكي سابق يعمل حاليا في جامعة كولومبيا، أن تحاول إيران التحايل على العقوبات الأمريكية ومقاومتها، وأشار إلى أنهم ربما يحاولون التعايش مع تقلص عائدات النفط لعامين في انتظار معرفة ما إذا كان ترامب سيعاد انتخابه، ثم تتخذ طهران بعدها قرارا بشأن المحادثات. ويقول جون ألترمان وهو مسؤول أمريكي سابق يعمل حاليا في مركز الدراسات الإستراتيجية والدولية: الإيرانيون سيفعلون المزيد من الأمور المقلقة لإدارة ترامب، سيحدث كل ذلك.. الولاياتالمتحدة ستضيق الخناق.